ويمكن أن يكون مراده بالاستطاعة هنا : حصول الرفقة وأمن الطريق وأمثالهما ، وبالاكتساب : كسب مئونة الحج وبيانه أنّ المكتسب الذي اكتسب مئونة الحج إمّا يمكن له الحج في عام الاكتساب أي : حصل له الرفقة وتخلية السرب أو لا ، بل يحصل له هذه الاستطاعة بعد عام الاكتساب ، فعلى الأوّل لا خمس فيما اكتسب ، بل يصرف في مئونة الحج. وعلى الثاني يجب عليه الخمس فيما اكتسبه في العام السابق على عام الاستطاعة فيكون قوله : « إن استطاع عام الاكتساب » إشارة إلى الأوّل وما بعده إشارة إلى الثاني.
وهاهنا احتمال ثالث لكلام الشارح بيانه : أنّ المكتسب الذي استطاع إمّا متّحد عام استطاعته وعام اكتسابه ، بأن يكون أوّل عام اكتسابه هو عام استطاعته من غير أن يكتسب سابقا ، وحينئذ فيجب عليه الحج من ذلك المال ، ولا خمس فيه ، إلّا إذا زاد عن مئونته ففي الزائد الخمس ، أو لا يتّحد عام استطاعته وعام اكتسابه ، بل كان يكتسب سابقا ويزيد من مئونته شيء وكان يخرج خمسه ، ويفضل له شيء آخر ثمّ استطاع من اكتساب عام لاحق ، وحينئذ فيحتمل أن يجب الحج من الفضلات السابقة عن عام الاستطاعة التي أخرج خمسها ، ويجب إخراج خمس ما اكتسبه في عام الاستطاعة ، أو يجوز أن يحجّ مما اكتسبه في هذا العام ، فلا خمس فيه.
وحاصله يرجع إلى أنّه إذا كان له مال يجب فيه الخمس ومال لا خمس فيه فهل مئونة الحج من الأوّل حتّى لا يجب الخمس أصلا؟ أو من الثاني ، فيخرج خمس الأوّل؟
فيكون مراد الشارح من قوله : « إن استطاع عام الاكتساب » بيان الصورة الاولى ، ومما بعده : بيان حكم الصورة الثانية ، وترجيح الاحتمال الأوّل فيهما ، ويكون فاعل « وجب » « الحج » لا « الخمس ». ويكون المراد بالفضلات : الفاضل عن المئونة وعن الخمس في الأعوام السابقة ، فتأمل.
قوله : وسفر الطاعة كذلك.
عطف « سفر الطاعة » على ما تقدّم من باب عطف العام على الخاص ، أو بتقدير مضاف أي : سائر سفر الطاعة كذلك أي : كالحج الواجب فمن المئونة مئونته إن سافر عام الاكتساب ، وإلّا وجب الخمس في الفضلات السابقة على عام المسافرة.