قوله : لصيرورتهما بالملاقاة إلى آخره.
توضيحه : أنّ أخبار الكرّ تدلّ على أنّ الماء الواحد إذا كان كرّا يدفع النجاسة ، ويلزم منه أنّ الماء الواحد إذا كان كرّا يرفع النجاسة أيضا ؛ لأنّ ما يصلح للدفع يصلح للرفع أيضا ، وبملاقاة الماءين الكرّ والنجس يصيران ماء واحدا ـ وإن لم يقع عليه دفعة ـ ويكونان معا كرّا ، فيكون المجموع صالحا لدفع النجاسة.
ولا يخفى أنّه يرد على هذا الدليل منع أنّ ما يصلح للدفع يصلح للرفع أيضا ؛ لعدم دليل عليه.
قوله : ولأنّ الدفعة لا يتحقّق لها معنى إلى آخره.
هذا دليل آخر لكفاية مطلق الملاقاة وعدم اشتراط الدفعة. وحاصله : أنّ الدفعة لا يتحقّق لها معنى يمكن اشتراطها ، اذ يتوقّف اشتراطها على أمرين : أحدهما : إمكان الوقوع دفعة. وثانيهما : وجود دليل على اشتراطها.
والدفعة الحقيقيّة ممّا لا يمكن تحقّقها ووقوعها ؛ لاستحالة وقوع جميع أجزاء الكرّ دفعة حقيقيّة على الماء الآخر ، بل يتأخّر وقوع بعض الأجزاء عن بعض آخر لا محالة والدفعة العرفيّة لا دليل على اشتراطها.
والمراد بالدفعة العرفيّة : وقوع جميع أجزاء الماء الكثير في زمان قصير بحيث تصدق عليه الدفعة عرفا ، وبما ذكرنا من توصيف قوله : « معنى » بقولنا : « يمكن اشتراطها » يندفع ما يرد على ظاهر العبارة من أنّ قوله : « لا يتحقّق لها معنى » يدلّ على أنّه لا يمكن تحقّق الدفعة بشيء من معنييه ، وقوله : « عدم الدليل على العرفيّة » يشعر بإمكان تحقّق معناها العرفي.
نعم يرد عليه : أنّ نفي الدليل على العرفيّة يشعر بوجود الدليل على الحقيقية لو لم يتعذّر مع أنّه لا دليل على اعتبارها أيضا.
ويمكن أن يقال : إنّ عدم اعتبار الحقيقية كان لوجهين :
أحدهما : عدم إمكانها. وثانيهما : عدم الدليل عليها ، بخلاف العرفيّة ؛ فإنّ عدم اعتباره للثاني فقط.