وعلى هذا فيمكن
أن يتوهّم المنافاة بين ما ذكره الشارح من أنّ الأصحاب زادوا الباقي للتبرك حيث
إنّه يدلّ على أنّ الباقي غير مروية ، وبين ما يدلّ عليه هذه الروايات.
ويمكن أن يدفع
المنافاة : بأنّ المراد من الباقي : الباقي ممّا ذكره المصنّف ، وهي غير مروية ،
أمّا كتابة ومكتوبا عليه فظاهر. وأمّا مكتوبا به ؛ فلأنّ غاية ما يدلّ عليه
التوقيع هو جواز الكتابة بطين القبر ، لا استحبابها ، نعم روي في مصباح الأنوار عن
عبد الله بن محمّد بن عقيل : أنّ كثير بن عباس كتب في أطراف كفنها : فاطمة تشهد أن
لا إله إلّا الله ، وأنّ محمدا رسول الله صلىاللهعليهوآله. وظاهر أوائل الرواية يشعر بأنّه كان بحضور على عليهالسلام فعلى هذا تدلّ الرواية على استحباب كتابة الشهادتين.
قوله
: لانّه خير محض.
مراده : أنّ
هذا العمل ممّا ليس فيه شائبة شرّ واشتماله على الخير واضح ، وكلّ ما كان كذلك فهو
راجح عند العقل ، فيكون مستحبا.
ويرد عليه
أوّلا : أنّه إن اريد أنّه ليس فيه شائبة شرّ في الواقع ونفس الأمر ، فهو ممنوع
ومن أين علم؟ وإن اريد أنّه ليس فيه شائبة شرّ في نظرنا ، فهو مسلم ، ولكن رجحان
مثل ذلك شرعا ممنوع.
وثانيا : أنّه
إن اريد أنّ هذا العمل بدون نيّة الاستحباب شرعا خير محض ، فيمكن تسليمه ، وإن
اريد أنّه مع قصد الاستحباب أيضا كذلك ، فهو ممنوع بل شائبة الشرّ فيه ظاهرة ؛
لانّه تشريع لعدم وضوح الرخصة فيه من الشارع.
ويمكن دفع
الأخير : بأنّ الخير المحض هو العمل بدون قصد الاستحباب ، ثمّ بكونه خيرا محضا
يثبت الاستحباب ؛ لأنّ ما هو خير محض راجح فعله.
قوله
: مع ثبوت أصل الشرعيّة.
هذا دليل ثالث.
أي : ولثبوت أصل الشرعيّة للكتابة على الكفن ؛ فإنّ الرواية المذكورة دالّة عليه ،
وإذا كانت الكتابة على الكفن مشروعة بأصلها وماهيّتها ، فيكون أفرادها بأجمعها
كذلك ؛ للاشتراك في المقتضي ، أو لاصالة العدم أي : أصالة عدم إيجاب ضمّ القيود
لرفع الاستحباب أو حصول البدعة. ولا يخفى ما فيه.
__________________