حصول العلم تارة والظن أخرى.
وأما خامسا : فبالمعارضة بآيات القرآن فان فيه الأقسام كلها ولا شك في إفادته للعلم سندا وأما الأدلة فبعضه ظني وبعضه قطعي وهو عين قولنا فاذا لم يحصل العلم فالاحتياط طريق الى العلم ببراءة الذمة ولا ضرورة لنا الى العمل بالظن.
فان قلت : سلمنا ان الاخبار المتواترة تفيد العلم وكذلك الأخبار المحفوفة بالقرينة لكن مع قرب العهد لا مع بعد العهد كما إذا مضى سبعمائة سنة أو ألف سنة كما في هذا الزمان فإن القرائن تندرس والتواتر لا يوثق بحصوله في جميع الطبقات والحوادث اليومية انما تفيد العلم أحيانا لمشاهدتنا لأكثرها :
قلت : الشبهات التي استدلوا بها شاملة لقرب العهد وبعده وأيضا فالقرائن المعتبرة هنا قد تقدم جملة منها ولم تندرس بل هي محفوظة في كتب الرجال والحديث وأيضا فالتواتر والقرائن لما كانا موجودين في زمان الطبقة الأولى فقبول أهل الطبقة الثانية للأخبار وروايتهم لها وعملهم بها وتدوينهم إياها في مصنفاتهم قرائن مفيدة للعلم بل هي أقوى من القرائن السابقة وهكذا جميع الطبقات وكذا التواتر فإنه ما زال يزيد كما يظهر من كتب الرجال وكما هو ظاهر في تواتر النصوص والقرآن وأمثالهما وأيضا لا يظهر فرق بين الحوادث اليومية في وقت الطبقة الاولى وبين الأحكام الشرعية ولا بعد ذلك الوقت بل الوجدان حاكم فيهما بل حكمه في الأحكام الشرعية أقوى غالبا والحوادث اليومية التي وقعت في أول الإسلام بل في زمان بني إسرائيل أكثرها معلوم الان.
فان قلت : ما نسب الى الخصم من ادعائه نفى العلم من الاخبار مطلقا غير صحيح لأنه انما يقول بذلك في الخبر المجرد عن القرائن خاصة.
قلت : ان اعترفت بذلك سقط النزاع بيننا وبينه ولكنه صريح بلسانه وقلمه بالعموم وأدلته واضحة الدلالة على ذلك ولا يكاد يعترف بحصول العلم في غير الأصول إلا نادرا فيبقى النزاع.