لا يخصص العام فكيف اغمضوا عنه هنا على أنا نراهم يعتمدون في الأصولين على أدلة ظنية أو بعض مقدماتها ظنية خصوصا أصول الفقه فإنه لا يكاد يوجد لهم فيه دليل غير ظني.
وثالث عشرها : قوله تعالى : في سورة حم السجدة ( وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنّارُ مَثْوىً لَهُمْ ) (١) والاستدلال بها قد مر توجيهه بل هذه الآية دالة على أن العمل بالظن من الكبائر للوعيد عليه بالنار وقد تقدم الجواب عن تخصيصه بالأصول على أن ذلك من العامة ونحن مأمورون باجتناب طريقتهم في النصوص المتواترة.
ورابع عشرها : قوله تعالى في سورة الجاثية ( وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلّا يَظُنُّونَ ) (٢) ودلالتها واضحة بعد ما تقدم وفيها تصريح بليغ بمباينة كل من العلم والظن الأخر ، ومثلها كثير فبطل قول العامة وبعض المتأخرين من الخاصة بأن العلم المأمور بتحصيله والعمل به هو مطلق الرجحان الشامل للقطع والظن وهذا يستلزم التناقض في كلام الله والرسول والأئمة عليهمالسلام لتواتر الأمر بالعمل بالعلم والنهى عن العمل بالظن فكيف يدعى عاقل مسلم أن أحدها هو الأخر وانما ذلك من تمويهات العامة ومغالطاتهم.
وخامس عشرها : قوله تعالى في سورة الحجرات ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) (٣) وهذا دال على مطلبنا ان كل فرد من إفراد الظن يحتمل كونه إثما فتعين اجتنابه وليس فيها تصريح بجواز ترك اجتناب بعض الإفراد لما تقرر من صدق الموجبة الجزئية في عادة الموجبة الكلية ولو تنزلنا لقلنا لا يخرج من ذلك الا ظن دل على جوازه أو حجيته دليل شرعي تام كظن الخير بالمؤمنين كما
__________________
(١) آية ٢٢
(٢) آية ٢٤
(٣) آية ١١.