قوله : وثبوت أحكام الشريعة في جميع الأزمنة ليس من جهة إطلاق الأدلّة ، بل من جهة قوله عليهالسلام : حلال محمّد صلىاللهعليهوآله حلال إلى يوم القيامة ... الخ (١).
لا يخفى أنّه لا يمكن أن يكون المدرك لأصالة عدم النسخ هو عموم قوله عليهالسلام : « حلال محمّد صلىاللهعليهوآله حلال إلى يوم القيامة » الخ ، فإنّ هذه الجملة ليست مسوقة لعدم النسخ في أحكامه وإلاّ لم يمكن صدور النسخ منه صلىاللهعليهوآله بعد صدور هذه الجملة ، بل الظاهر أنّ هذه الجملة إنّما سيقت لبيان أنّه صلىاللهعليهوآله لا نبي بعده ، وأنّ أحكامه التي حكم بها صلىاللهعليهوآله لا يرفعها رافع ، وحيث إنّ من جملة أحكامه صلىاللهعليهوآله ما يكون ناسخاً لحكم سابق صدر منه صلىاللهعليهوآله يكون ذلك الحكم الناسخ داخلاً في جملة قوله عليهالسلام : « حلال محمّد صلىاللهعليهوآله حلال إلى يوم القيامة » فإنّ النسخ الذي نحتمله إنّما هو النسخ الصادر منه صلىاللهعليهوآله أو الصادر من أحد أوصيائه ببيان خاصّ منه صلىاللهعليهوآله لهم عليهمالسلام أو بتفويض منه صلىاللهعليهوآله إليهم. وعلى كلّ حال يكون الناسخ من جملة أحكامه التي حكم صلىاللهعليهوآله بأنّها باقية لا تنسخ ، يعني لا ينسخها نبي بعده أو أحد آخر لا يكون نسخه منتهياً إليه صلىاللهعليهوآله ، وبعد سقوط الاستدلال على هذا الأصل ـ أعني أصالة عدم النسخ ـ بالعموم الأزماني كما أفاده قدسسره ، ينحصر الدليل على هذا الأصل بالاستصحاب ، أعني استصحاب بقاء الحكم وعدم حدوث رافع وناسخ له.
__________________
٣١١ وما بعدها ، وراجع أيضاً المجلّد الخامس من هذا الكتاب ، الصفحة : ٣٦٨ وما بعدها.
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٧٣٩.