يجوّز تخصيص الكتاب بخبر الواحد ، فلا يكون محصّلها إلاّعدم حجّية الخبر المخالف للكتاب ، فلا يكون ما تضمّنته المقبولة من باب الترجيح ، بل هو من باب التمييز بين الحجّة وغيرها.
نعم ، يبقى الإشكال في وجه تقديم بعضها على بعضها ، ولابدّ في دفعه من منع دلالتها على الترتّب ، فإنّه بمنزلة أن تقول : إذا تعارض الخبران فخذ بما يرويه الثقة دون ما يرويه غير الثقة ، ومع ذلك لو سألك السائل أنّهما كلاهما يرويه الثقة فتقول : خذ بما عمل به الأصحاب واطرح ما طرحوه ولم يعملوا به ، إلى غير ذلك ممّا يرجع إلى شروط أصل حجّية الخبر ، فلاحظ وتدبّر.
قوله : وهو قوله تعالى : وأحلّ لكم ما في الأرض جميعاً (١).
تقدّم مثلها ص ١٣٣ وص ١٣٤ (٢) ، ولكن الظاهر أنّه ليس في القرآن الكريم آية بهذا النظم ، نعم في سورة البقرة قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) (٣) وفيها أيضاً قوله تعالى : ( يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ ) (٤) وفي سورة المائدة : ( وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً ) (٥) وفي سورة النحل قوله تعالى : ( فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً ـ إلى قوله تعالى ـ إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ ـ إلى قوله تعالى ـ وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٧٩٢.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٣٦٨ و ٣٦٩.
(٣) البقرة ٢ : ٢٩.
(٤) البقرة ٢ : ١٦٨.
(٥) المائدة ٥ : ٨٨.