في جبر الرواية بل في ترجيحها على غيرها ، من دون حاجة إلى ضمّ شهرة المتأخّرين واتّصالها بشهرة المتقدّمين.
وفيه : أنّ ذلك غير كاف في الحكم بكون مستند المتقدّمين هو تلك الرواية الموجودة بأيدينا ، لإمكان أن يكون مستند المتقدّمين رواية أُخرى كانت موجودة لديهم هي غير هذه الرواية الموجودة بأيدينا ، فلابدّ حينئذ من سدّ هذا الاحتمال ، وسدّه منحصر بما أُفيد من اتّصال شهرة المتأخّرين بشهرة المتقدّمين مع كون المستند عند المتأخّرين هو تلك الرواية الموجودة فيما بأيدينا.
وتوضيح ذلك يظهر ممّا حرّرته عنه قدسسره في هذا المقام ، وهو : أنّ احتمال عدم استناد المشهور في فتواهم إلى هذه الرواية إنّما نشأ عن احتمال وجود رواية عندهم لم نعثر عليها لعدم وجودها في المجاميع ، وأنّها كانت موجودة في الكتب التي أُخذت عنها المجاميع ، والظاهر أنّ هذه الكتب أو بعضها بقي موجوداً إلى زمن العلاّمة قدسسره والشهيد الأوّل قدسسره ، فيحتمل أن لا تكون فتواهم مستندة إلى الرواية الموجودة بأيدينا المعارضة بمثلها ، ويكون المستند في تلك الفتوى هو رواية أُخرى موجودة فيما بقي بأيديهم من تلك الكتب كما اتّفق كثيراً (١) وحينئذ لا تتحقّق الشهرة العملية على تلك الرواية المبتلاة بالمعارض.
وسدّ هذا الاحتمال يتحقّق بأحد أمرين : الأوّل يحصل بتصريح منهم أو من بعضهم أنّ المستند في الفتوى هو الرواية المذكورة. الثاني : أن تبقى تلك الشهرة
__________________
(١) استشهد ( دام ظلّه ) في ذلك بمسائل فقهية كثيرة منها : مسألة الضربة والضربتين في التيمّم ، وأنّ مستند المشهور في التفصيل بين ما هو بدل الوضوء وما هو بدل الغسل رواية عثر عليها العلاّمة قدسسره. ومنها مسألة الخطّاف [ منه قدسسره. راجع منتهى المطلب ٣ : ١٠٣ ، وسائل الشيعة ٣ : ٣٦٣ / أبواب التيمّم ب ١٢ ح ٨ ].