وتوضيح ذلك : أنّ الأخبار الأُخر قد تضمّن كلّ منها مرجّحاً واحداً كمخالفة العامّة في بعضها (١) ، وموافقة الشهرة في آخر (٢). ولا يخفى أنّ كلّ واحد من تلك الأخبار وإن كان قويّ الدلالة على إطلاق مرجّحية ما تضمّنه ، سواء وجد المرجّح الآخر الذي تضمّنته الرواية الأُخرى أو لم يوجد ، ولكن بعد تقييد كلّ منهما بالأُخرى يكون الحاصل أنّ كلاً من هذين المرجّحين مرجّح مع عدم الآخر ، وفي صورة اجتماعهما يقع التعارض بين المرجّحين فيرجع إلى التخيير. أمّا المقبولة فلا دلالة لها إلاّعلى الترجيح بما تضمّنته دون ترتيب بعضها على بعض.
وفيه أوّلاً : أنّه لا معنى لملاحظة ما عدا المقبولة من الأخبار بعضها مع بعض كي نقيّد كلاً منها بإطلاق الآخر ( مع أنّ هذا التقييد لا وجه له لتكافؤ الاطلاقين ).
وثانياً : أنّ العمدة فيما هو المختار من طولية هذه المرجّحات هو المقبولة ، وهي قوية الدلالة على ذلك ، أوّلاً من جهة الترتيب الذكري. وثانياً ـ وهو العمدة ـ من جهة دلالتها على أنّ كلّ واحد من المذكورات فيها مرجّح بقول مطلق ، سواء وجد المرجّح المذكور بعده أو لم يوجد ، وبذلك تقدّم على باقي الأخبار المتضمّنة لمرجّح واحد أو مرجّحين.
قلت : قد يقال : إنّ إطلاق مرجّحية كلّ واحد من هذه المرجّحات ، سواء وجد المرجّح المذكور بعده في المقبولة أو لم يوجد ، معارض بإطلاق الرواية المقتصر فيها على ذكر ذلك المرجّح أعني المرجّح اللاحق في المقبولة ، وحينئذ
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١١٨ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٣٠ ، ٣١ ، ٣٤.
(٢) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٢٢ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٤٣ ، وقد أشار المصنّف قدسسره إليه في الهامش (٤) من الصفحة : ٢١٨ فراجع.