تحقّق أصالة الصدور ، والمفروض أنّ تحقّقها متوقّف عليه ، فالدور باقٍ بحاله.
ثمّ قال : ثمّ إنّك قد عرفت أنّ بعض المرجّحات راجع إلى مرحلة الصدور كالمشهور رواية ، وبعضها راجع إلى مرحلة جهات الصدور كمخالفة العامّة وبعضها راجع إلى نفس المضمون ككونه موافقاً للكتاب ، فتكون المرجّحات على ثلاثة أنحاء.
أمّا ما كان راجعاً إلى الظهور فهو أجنبي عمّا نحن فيه ، فإنّه راجع إلى ما تقدّم من الجمع الدلالي بتقديم الأظهر على الظاهر ، وقد تقدّم مفصّلاً.
أمّا الترجيح بالأفصحية ، فليس هو مرجّحاً حتّى على تقدير التعدّي إلى كلّ مرجّح ، وذلك لأنّ الأفصحية إنّما هي في مقام الخطابة والكلمات القصار الصادرة عنهم عليهمالسلام في مقام إرسال الحِكَم ، أمّا مقام التحاور بينهم وبين من يسألهم عن الأحكام ، فليس من اللازم أن يكون جوابهم عليهمالسلام في هذا المقام في المرتبة العليا من الفصاحة والبلاغة ، هذا ، مضافاً إلى أنّ أغلب الروايات يكون من قبيل النقل بالمعنى.
وما أفاده الشيخ قدسسره (١) من كونها من المرجّحات في الروايات المشتملة على نقل اللفظ ، غير نافع في دفع الإشكال ، لأنّه يتوقّف على إحراز كون الروايتين كلتيهما نقلا باللفظ.
على أنّك قد عرفت فيما تقدّم أنّه لا دليل على التعدّي إلى كلّ مرجّح ، وأنّهم وإن ذكروا ذلك في كتب الأُصول وتكلّموا فيه إلاّ أنّه لا عين منه ولا أثر في الكتب الفقهية ، إذ لم نعثر على ترجيح لأحد بغير المرجّحات المنصوصة ، كما لا
__________________
(١) فرائد الأُصول ٤ : ١١٧ [ ولا يخفى أنّ الشيخ قدسسره ذكر ذلك في الفصاحة ، وأمّا الأفصحية فقد تأمّل في الترجيح بها ، فلاحظ ].