من قبيل المائز بين الحجّة وغيرها. وقول شيخنا قدسسره هنا تعريض بالجواب عن هذه الإشكالات.
وقد حرّرت عنه قدسسره في مقام الجواب عن الإشكال الأوّل ما نصّه : أنّ التخيير لو كان في المسألة الفرعية لكان الفرق بينه وبين القضاء تامّاً ، أمّا لو كان في المسألة الأُصولية ، أعني كون التخيير في الحجّية كما هو المختار ، لكان البابان ـ أعني باب القضاء وباب الافتاء ـ باباً واحداً ، حيث إنّ التخيير في كلّ منهما يكون في الحجّة والمدرك ، غير أنّه في باب القضاء يكون في مدرك الحكم ، وفي باب الافتاء يكون في مدرك الفتوى ، فإذا وجب الترجيح وتعيّن الأخذ بما هو الراجح في مدرك القضاء ، وجب ذلك وتعيّن الأخذ به في مقام الافتاء ، ولا معنى للتفكيك حينئذ بين البابين ، انتهى. وهو عين ما أُفيد هنا بقوله : فإنّ الترجيح إنّما يكون في مقابل التخيير ، وقد عرفت أنّ التخيير إنّما يكون في المسألة الأُصولية الخ (١).
لكنّه قابل للتأمّل ، فإنّ الترجيح في الرواية المزبورة ـ أعني المقبولة ـ إنّما يكون في مقابل التوقّف المأمور به أخيراً عند التساوي لا التخيير ، ومن الواضح أنّ التوقّف هنا بل التخيير لو كان بل الترجيح إنّما هو راجع إلى غير الحاكمين ، بمعنى أنّ الرواية إنّما تتعرّض سؤالاً وجواباً لكسب التكليف عند اختلاف الحاكمين ، فالترجيح والتخيير أو التوقّف إنّما يكون بالقياس إلى غير الحاكمين ، وحينئذ لا يكون لذلك دخل في كونه راجعاً إلى المسألة الأُصولية.
نعم ، إنّ حكم الحاكم كفتواه لابدّ أن يكون لمستند ، وأنّه في صورة تعارض الروايتين عند الحاكم أو المفتي لابدّ أن يرجّح إحداهما على الأُخرى أو
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٧٧٢.