الروايتين تخييراً والفتوى على طبقها ، ولازم هذا التوقّف هو سقوط كلّ من الروايتين.
ولا يبعد أن يكون ذلك هو المراد من ذيل المقبولة المشتمل على قوله عليهالسلام : « فأرجه حتّى تلقى إمامك ، فإنّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات » (١) بأن يكون الأمر بالإرجاء عبارة عن الأمر بترك الخبرين وعدم العمل بأحدهما ، وهو عبارة أُخرى عن التساقط ، والمقصود من قوله : « فإنّ الوقوف » الخ التوقّف في الفتوى على طبق أحدهما ، وقوله عليهالسلام : « حتّى تلقى إمامك » لا يوجب اختصاصه بإمكان ذلك.
ويمكن حمل كلام الكليني قدسسره (٢) فيما مفاده التخيير على هذا المعنى ، فراجع وراجع ما حرّرناه (٣) في شرح ذلك في تحرير الكفاية عن درس بعض أساتذتنا السادة قدسسرهم ، بل راجع الوافي (٤) فيما يتعلّق بهذا المبحث سيّما في شرح عبارة الكليني قدسسره ، ونقله (٥) عبارة الطبرسي في الاحتجاج ، فإنّك تجده صريحاً في أنّ مراد الجماعة من التخيير ، التخييرُ في العمل لا الفتوى ، وحينئذ فبعد انحصار التخيير العملي بالموارد المذكورة ـ أعني موارد الترخيص كما تضمّنته هذه الرواية ـ يكون التخيير في باب التعارض ساقطاً إلاّفي خصوص الأُمور غير الالزامية.
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٠٦ ـ ١٠٧ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ١.
(٢) الكافي ١ : ٧.
(٣) مخطوط لم يطبع بعدُ.
(٤) الوافي ١ : ٢٩٤.
(٥) الوافي ١ : ٢٩٢ ـ ٢٩٣ ، الاحتجاج ٢ : ٢٦٣ ـ ٢٦٤.