المستكشَف ولو كان هو حجّية الظنّ شرعاً على عامّة المكلّفين ، إلاّ أنّه من قبيل مقابلة الجمع بالجمع القاضي بالتوزيع ، ليكون الحاصل هو أنّ ظنّ كلّ شخص حجّة على نفسه لا أنّه حجّة على غيره ، وحينئذ فلا يكون ظنّ المجتهد حجّة على العامي.
ومن ذلك تعرف أنّه لا يتوجّه عليه ما في حاشية العلاّمة الاصفهاني قدسسره ، قال في آخر الحاشية على قول المصنّف قدسسره : ولو سلّم أنّ قضيّتها كون الظنّ المطلق الخ ما هذا لفظه : ومع تمامية المقدّمات بالاضافة إلى مثل هذا الظنّ لا موجب لعدم حجّيته والاقتصار على الظنّ المتعلّق بحكم نفسه بملاحظة قيام الظنّ به ، فإنّ قيامه به لا يقتضي عدم كونه حجّة على حكم الله تعالى في حقّ الغير الخ (١) ، وحاصل ذلك هو أنّه إذا ثبت كون ظنّه حجّة على حكم الله تعالى يكون حجّة بالنسبة إلى عامّة المكلّفين.
وفيه ما لا يخفى ، فإنّ كون ظنّ المجتهد حجّة على حكم الله تعالى إنّما يكون على نفس الظانّ الذي هو المجتهد ، دون من لم يحصل له هذا الظنّ ، ولا محصّل للنيابة في نفس الظنّ ، نعم طريقة شيخنا قدسسره وهي كون يقين المجتهد وشكّه يقيناً لعامّة المكلّفين توجب التوسعة إلى العامي ، لأنّ ظنّ المجتهد ظنّ من جميع المكلّفين.
لكنّك قد عرفت التأمّل في ذلك كلّه ، وأنّ المتعيّن هو القول بأنّ حجّية الظنّ تخوّل الظانّ العمل على طبقه وتصحّح له إخبار الغير بمؤدّاه ، وذلك الإخبار يكون حجّة على ذلك الغير بمقتضى دليل حجّية الفتوى.
__________________
(١) نهاية الدراية ٥ ـ ٦ : ٣٧٠.