فتكونان مشمولتين لدليل التخيير.
وفيه أوّلاً : أنّ اختلاف النسخ لا ينحصر فيما ذكر من اختلاف الراويين عن راوٍ واحد كما مثّل له برواية تلميذي الكليني قدسسره ، بل كثيراً ما يكون اختلاف النسخ واقعاً من غلط الكتّاب كما في نسخ التهذيب ، فإنّ الاختلاف الواقع في نسخه إنّما كان من سهو الكتّاب والنسّاخ لا ممّن يرويه عن الشيخ قدسسره.
وثانياً : أنّ أدلّة التخيير لا تشمل اختلاف النسخ حتّى إذا كان من قبيل الاختلاف في الرواية عن الراوي ، كما في اختلاف تلميذي الكليني قدسسره فيما ينقلانه عنه ، إذ ليس في البين إلاّرواية واحدة ينقلها كلّ منهما عن راويها بكيفية مغايرة للكيفية التي ينقلها عنه الآخر ، فليس ذلك من قبيل التعارض بين الروايتين.
قلت : لا يقال لو فرض اختلاف الرواة في نقل رواية واحدة عن المعصوم عليهالسلام ، بأن ينقلها أحدهما عنه عليهالسلام بلفظ وينقلها الآخر بلفظ آخر ، لكان داخلاً في تعارض الخبرين ، فكذلك فيما لو اختلفا في النقل عن الراوي.
لأنّا نقول : فرق واضح بين المقامين ، لأنّه يصدق على المثال المذكور أنّه أتى عنهم عليهمالسلام الخبران المتعارضان ، بخلاف ما نحن فيه لأنّه لم يأت التعارض عنهم ، وإنّما أتى عن الكليني.
ولكنّه مع ذلك فيه مجال للتأمّل ، فإنّ ما عن الكليني إنّما هو من حيث اتّصال السند بالمعصوم ، فإذا تردّدنا فيما عن الكليني فقد تردّدنا في المتن المحكوم بصدوره عن المعصوم ، وإذا كان منشأ ذلك التردّد هو اختلاف من يروي عن الكليني كان داخلاً في قوله « يأتينا عنكم ».
بخلاف ما لو علمنا أنّ منشأ التردّد هو اختلاف النسخ وسهو الكاتب مع