كلّ ما قامت الأمارة على وجوبه فهو واجب ، كحال الغريقين بالنسبة إلى قوله : انقذ كلّ غريق.
قوله : ألا ترى أنّه لو نذر الشخص فعل شيء ونذر وكيله ـ بناءً على صحّة الوكالة في النذر ـ ترك الشيء لا يمكن القول بالتخيير ... الخ (١).
الأولى أن يمثّل لذلك بما لو وكّل زيداً وكالة مطلقة على بيع داره ، ووكّل عمراً أيضاً على بيع كتابه ، فاشترط الأوّل للمشتري على البائع أن يفعل [ الفعل ] الفلاني وشرط الثاني ترك ذلك الفعل أو شرط فعل ضدّه ، فإن سبق أحدهما الآخر بطل اللاحق لعدم إمكان ذلك الشرط فيه ، لكونه حينئذ مملوكاً عليه للأوّل ضدّه أو نقيضه ، نظير ما لو باع هو داره من زيد ثمّ باعها وكيله من عمرو.
ولو وقع العقدان المشتملان على الشرط المزبور في آن واحد بطلا معاً ، لما ذكرناه من كونهما من قبيل ما لو وقع بيعه الدار من زيد وبيع وكيله لها من عمرو في آن واحد ، ومن الواضح أنّ هذا السقوط في كلّ منهما ليس من جهة تعلّق أحدهما بوجوب الفعل والآخر بنقيضه ، بل هو ـ أعني السقوط ـ متحقّق فيما لو اشترط أحدهما فعل شيء وشرط الآخر ضدّه ، فلا يتمّ ما أُفيد من تسليم المزاحمة والتخيير فيما لو قامت الأمارة على وجوب فعل وقامت الأُخرى على وجوب ضدّه ، ومنعها فيما لو قامت إحدى الأمارتين على وجوب شيء وقامت الأُخرى على عدم وجوبه أو على حرمته ، قياساً على عدم جريان المزاحمة والتخيير في السبب المعاملي ، فإنّه لو تمّ هذا القياس في الصورة الثانية لجرى في الصورة الأُولى ، قياساً على ما لو نذر أو شرط هو فعل شيء ونذر وكيله أو شرط فعل ضدّه ، فإنّه لا يجري فيه التزاحم والتخيير بل يجري فيه التساقط ، فينبغي أن
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٧٦٠.