مفاد إحدى الأمارتين هو وجوب الشيء ومفاد الأُخرى عدم وجوبه ، فإنّه يكون من قبيل انطباق عنوانين عليه ، وكان حكم أحد العنوانين هو الوجوب وحكم العنوان الآخر هو عدم الوجوب ، فإنّه يندرج في تعارض العموم من وجه ، إذ لا يكون ذلك إلاّمن قبيل قولنا : العالم يجب إكرامه وغير الهاشمي لا يجب إكرامه ، وقد اجتمعا في العالم غير الهاشمي.
ولو كان مفاد إحدى الأمارتين هو وجوب الشيء ومفاد الأُخرى هو حرمة نفس ذلك الشيء ، كان التعارض بالنسبة إلى دليل حجّيتهما بناءً على السببية بهذا المعنى من قبيل تعارض العموم من وجه أيضاً ، ولا دخل لذلك بمنزلة النذر وغيرها من الأسباب المعاملية ، ولا محصّل للحكم بالتساقط في مثل ذلك بالنسبة إلى نفس الروايتين. نعم يكون التساقط في مورد هذا الاجتماع لاحقاً لقوله : ما قامت الأمارة على وجوبه فهو واجب وما قامت الأمارة على حرمته فهو حرام ، ويكون مورد اجتماع الأمارتين الذي هو مورد اجتماع
هذين العمومين محكوماً بعدم إمكان إدخاله تحت كلّ منهما ، فيلزم الرجوع فيه إلى حكم آخر من أصل ونحوه.
وهذا الطريق وإن اشترك في سقوط كلا الأمارتين مع الطريق الذي أُفيد في الكتاب ، إلاّ أنّ الجهة في هذا السقوط غير الجهة في ذلك السقوط.
ولو قامت إحدى الأمارتين على حرمة الكون في الكنيسة ، وقامت الأُخرى على وجوب صلاة جعفر مثلاً يوم الجمعة ما بين طلوع الشمس وزوالها ، كانت صلاة من قامت عنده الأمارتان في الكنيسة من قبيل اجتماع الأمر والنهي.
ولو قامت إحداهما على وجوب شيء والأُخرى على وجوب ضدّه ، كانت المسألة من باب التزاحم ، ويكون حال الأمارتين المذكورتين بالنسبة إلى قوله :