إلى آخره (١).
فيه ، أنّ هذه الضرورة من أين حصلت له؟ إذ ليست إلّا شهادة نفي غير محصور ، إذ يجوز أن يحدث سكرا ضعيفا في مزاج من الأمزجة ولو كان نادرا ، إذ لعلّ كلّ من يريد أن يشرب يكون مزاجه مزاج النادر في النادر ، كما هو أحد القولين في المسألة وأقواها.
فعلى هذا من جرّب جميع الأمزجة فوجدها لا يحدث فيها سكرا وإن كان درجته الضعيفة بالإكثار من شربه غاية الإكثار ، مع أنّ الظاهر من الأخبار وكلام القدماء الدخول في السكر ، ولهذا حرّم شربه مع احتمال أن يكون بالنشيش والغليان يصير محتمل السكر ، ومحتمل السكر عند الشارع يكون في حكم المسكر كالربا ، كما أشرنا إليه آنفا.
أمّا الأخبار :
فمنها : ما رواه الكليني في باب أصل تحريم الخمر ، مضمونها أنّ سبب (٢) بدء حرمة الخمر أنّه جعل حظّ الشيطان ثلثا العنب وحظّ آدم ثلثه (٣) ، ولم يذكروا عليهمالسلام لبدء حرمتها وأوّل اتّخاذها سوى حكاية كون الثلاثين حظّ الشيطان.
ويظهر من بعض تلك الأخبار أنّ منشأ جعل الحظّ للشيطان أنّه مصّ العنب والتمر ، وقد أشرنا إليه في طيّ أدلّتنا ، ولا شكّ أنّ المراد من الخمر في هذه الأخبار الخمر المعهود ، لأنّ الراوي سأل عن بدء وحرمة المعهود وأنّها متى تحدث ، والكليني رحمهالله ما فهم إلّا المعهود ، وكذا الصدوقان (٤) ، وفهم هؤلاء للأخبار
__________________
(١) هذا من قول الشيخ أبي الحسن سليمان بن عبد الله البحراني ، ورسالته غير متوفّرة لدينا.
(٢) في النسخ الخطّية : ( مضمونها أن سئل ) ، والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه.
(٣) الكافي : ٦ / ٣٩٣ الأحاديث ١ و ٢ و ٣ و ٤.
(٤) من لا يحضره الفقيه : ٤ / ٤٠ ، المقنع : ٤٥٣ الباب ٥ من أبواب الحدود.