النيّة ، لأنّه لا يمكن نيّة التقرّب فيحرم فعلها بهذا النيّة ، فيكون
تشريعا ، إذ فعل ما لم يطلبه الشارع ، بل طلب عدمه بقصد أنّه مطلوب الشارع وهو
موجب التقرّب إليه تشريع ، فلا يمكن تحقّق عبادة مكروهة. وكأنّ قوله : فتأمّل ، إشارة
إلى إمكان دفعه : أمّا فيما له بدل فظاهر ، وأمّا فيما لا بدل له فبما قدرنا.
هذا ، ثمَّ
إنّه إشارة إلى أنّ كراهتها بالمعنى المتعارف في الصوم في السفر وأمثاله إنّما هو
بمعنى أنّ فعله ـ أي فعل خصوصه ـ مرجوح ليس فيه فضيلة ، بل عدمه خير من وجوده وإن
كان لمطلقه رجحان ، لا بمعنى أنّ للفعل المخصوص أيضا ثواب إلّا أنّ ثواب تركه أكثر
منه.
وتمسّك في ذلك
بأنّه ليس الفطر عبادة في السفر في غير الواجب ـ كما هو المشهور ـ ويبعد أن يكون
الإنسان مثابا بالإفطار في السفر بثواب أكثر من ثواب الصوم فيه هذا :
فإن
قلت : إنّه رحمهالله يجوّز القول بحرمة الصوم في السفر ، بل يقوّيه ، وحينئذ
يكون للفطر فيه ثواب كثير ، على ما هو المشهور ، وكيف يقول بمثل هذا الثواب فيه
ويستبعد القول بتحقّق الثواب فيه في الجملة؟!
قلت
: يحتمل أن يكون
بناء كلامه على عدم تسليم وجوب ترتّب الثواب على ترك كلّ محرّم ومكروه ، وقد أشرنا
إلى وجه ذلك فيما علّقناه على « شرح المختصر » ، وفيه بعد ، وإلّا ظهر أنّ مراده
أنّ القول بأنّ الفطر في السفر في نفسه ـ مع قطع النظر عن كونه ترك الصوم ـ عبادة
ويكون الصوم عبادة أخرى لكن يكون ثواب الفطر أكثر من ثوابه ، بعيد.
وأمّا القول
بأنّ فيه ثوابا باعتبار كونه ترك الصوم الحرام ، فلا بعد فيه ، وكذا لو قيل : لكراهة
الصوم في السفر ، وقيل : ترتّب ثواب في الجملة على الفطر