قد يتساءل البعض عن سبب تأخُّر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عن كتابته للوصيَّة حتَّىٰ ظنَّ البعض أنَّه ـ حسب تعبيرهم ـ يهجر ، فلو أنَّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم تعجَّل في الأمر لما كان هذا الجدال والبحث .. لقد فات هؤلاء الشيء الكثير ، وأوّله : إنّه ليس شرط الوصية أن تكون مكتوبة ، بل يكفي فيها أن تكون مشهودة ، والثاني : إن ما أراد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يكتبه في مرضه
الأخير كان قد قاله أكثر من مرّة ، وذكّر به في مناسبات متعددة ، والثالث : إن صاحب الوصية يضطرّ إلىٰ كتابتها حين يشعر بوقوع
الاختلاف من بعده ، وهذا ما فعله النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
، لكن قد حال دون تحقّق هذا الفعل ، وتدوين تلك الوصية الكبرىٰ ، ما حدث من نزاع ولغط أثاره نفر من الصحابة لمّا
أدرك ما كان يريد النبي تدوينه .. فالوصية إذاً أخذت موقعها في هذه الساعة ، ودوّنت
في هذا الموقف الحاسم والمشهود ، فإن الخروج عليها سيكون أمراً في غاية الصعوبة !
فما هي ملابسات تلك القضية ، وبماذا أراد
الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
أن يوصي وهو مسجّىٰ علىٰ فراش الموت ، وما هو مضمون ومنطوق رواياتها المختلفة ، ولماذا
لم يوصِ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
قبل الاحتضار ، وهل من عذرٍ يلتمس لمَن قدّم بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
فمنع وصيته ؟
ستجد الإجابة عن كل هذه التساؤلات ملخصّة
وموثقة في هذا البحث ، نأمل أن يُسهم في إزالة بعض الركام والضبابية التي اكتنفت تلك الحادثة المهمّة في تاريخ
الإسلام.
مركز الرسالة