إن لم يكن هناك لغط ونزاع حول تقديم الكتف والدواة ، فالقوم
انقسموا كما قلنا ، فبعض يقول : « قدِّموا لرسول الله الكتف والدواة ... » والبعض الآخر يقول ما قاله عمر ، وهذه الجمل لا تدلُّ علىٰ أنَّهم كانوا يقولون بهذيان النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإنَّما كانوا يقولون ( حسبنا كتاب الله ) لأنَّها العبارة الوحيدة المقابلة ل « قدِّموا لرسول الله الكتف والدواة ... ».
فأُس كلام القوم هو مقولة عمر ، فإمَّا
أن يكون شاهد ولاحظ فعلاً ، وإمَّا أن يكون ادَّعىٰ ذلك لغاية ما ، واسمحوا لنا أن نسكت هنا عن الاجابة ، ونترك الحكم للقارئ اللبيب من خلال قراءته للبحث بدقَّة وتأنٍّ.
الاختلاف السابع :
وحدث هذا الاختلاف في عبارة «
قوموا عنِّي ... ولا ينبغي عندي التنازع » ، فنرىٰ أنَّ البعض حذفها كما
حذف كلَّ ما بعد مقولة عمر ، ونرىٰ آخرين نقلوا « قوموا عنِّي »
فقط ، أو أشكال أُخرىٰ مختلفة للمقولة أهمُّها « ولا ينبغي عند نبيٍّ التنازع ».
فهذه العبارة أكثر وقعاً في النفوس وأوضح في الدلالة على حرمة التنازع عند النبي من «
ولا ينبغي عندي التنازع ».
وكانوا قد أُمروا أن لا يرفعوا أصواتهم
فوق صوته ، فقد قال تعالىٰ : (
يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ
وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ
أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ ) أمَّا التنازع فقد
ذكره الله سبحانه مشفوعاً بالفشل والانهيار ( وَأَطِيعُوا
اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ
__________________