فقال : أبشر يا أمير المؤمنين ، بفتح الله عليك ونصره ، ورد علينا الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، وثمانية عشر من أهل بيته ، وستّون رجلاً من شيعته ، فسرنا إليهم ، فسألناهم أنْ يستسلموا ، وينزلوا على حكم الأمير ، عبيد الله بن زياد ، أو القتال ، فاختاروا القتال.
فغدونا إليهم مع شروق الشمس ، فأحطنا بهم من كلّ ناحية ، حتّى أخذت السيوف مأخذها من هام القوم ، فجعلوا يهربون إلى غير مهرب ولا وزر ، ويلوذون منّا بالآكام والحفر ، لو اذاً كما لاذ الحمام من صقر. فوالله ما كانوا إلا جزر جزور ، أو نومة قائل ، حتّى أتينا على آخرهم ، فهاتيك أجسادهم مجرّدة ، وثيابهم مزمّلة ، وخدودهم معفّرة ، تصهرهم الشمس ، وتسفي عليهم الريح وازرهم العقبان والرخم.
ولمّا وضع رأس الحسين ، بين يدي يزيد قال : أما والله ، لو أنّي صاحبك ، ما قتلتك ، ثمّ أنشد قول الحسين بن الحمام المري الشاعر :
يفلقن هاماً من رجال أعزّة |
|
علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما |
قال أبو مخنف : فحدّثني أبو جعفر العبسي قال : وقام يحيى بن الحكم ، أخو مروان بن الحكم ، فقال :
لهام بجنب الطف أدنى قرابةً |
|
من ابن زياد العبد ذي الحسب الوغل |
سميّة أضحى نسلها عدد الحصى |
|
وليس لآل المصطفى اليوم من نسل |
قال : فضرب يزيد في صدر يحيى بن الحكم وقال له : اسكت.
وقال محمّد بن حميد الرازيّ : حدّثنا محمّد بن يحيى الأحمري ، ثنا ليث ، عن مجاهد قال : لما جيء برأس الحسين ، فوضع بين يدي يزيد ، تمثّل بهذه الأبيات :