مسالكنا ، وأنت يا خيرة النساء ، وابنة خير الأنبياء ، صادقة في قولك ، سابقة في وفور عقلك ، غير مردودة عن حقّك ، ولا مصدودة عن صدقك ، والله ما عدوت رأي رسول الله ، ولا عملت إلا بإذنه والرائد لا يكذب أهله أشهد الله وكفى به شهيدا ، أنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : نحن معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا ولا فضّة ، لا داراً ولا عقارا ، وإنّما نورّث الكتاب والحكمة والعلم والنبوّة ، وما كان لنا من طعمة فلولي الأمر بعدنا أنْ يحكم فيه بحكمه ، وقد جعلنا ماحاولته في الكراع والسلاح يقاتل بها المسلمون ، ويجاهدون الكفّار ، ويجالدون المردة الفجار ...
فقالت عليهاالسلام : سبحان الله ، ما كان أبي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن كتاب الله صادفا ، ولا لأحكامه مخالفاً ، بل كان يتّبع أثره ، ويقفو سوره ، أفتجمعون إلى الغدر اعتلالاً عليه بالزور ، وهذا بعد وفاته شبيه بما بغي له من الغوائل في حياته ، هذا كتاب الله حكماً عدلا ، وناطقاً فصلاً ، يقول : (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) (١) ، ويقول : (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ) (٢) ، وبيّن عزّ وجلّ فيما وزع من الأقساط ، وشرع من الفرائض والميراث ، وأباح من حظّ الذكران والاناث ما أزاح به علّة المبطلين ، وأزال التظنّي والشبهات في الغابرين ، كلا ، بل سوّلت أنفسكم أمراً ، فصبر جميل ، والله المستعان على ما تصفون ، فقال أبو بكر : صدق الله ورسوله ، وصدقت ابنته ، أنت معدن الحكمة وموطن الهدى والرحمة ، وركن الدين ، وعين الحجّة ، لا أبعد صوابك ، ولا أنكر خطابك ، هؤلاء المسلمون بيني وبينك ، قلّدوني ما تقلدت ، وباتّفاق منهم أخذت ما أخذت ، غير مكابر ولا مستبد ولا مستأثر ، وهم بذلك شهود فالتفتت فاطمة عليهاالسلام إلى الناس وقالت : معاشر المسلمين المسرعة إلى قيل الباطل ، المغضية على الفعل القبيح الخاسر (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوب
__________________
(١) مريم : ٦.
(٢) النمل : ١٦.