السلاح والجنّة ، توافيكم الدعوة فلا تجيبون ، وتأتيكم الصرخة فلا تغيثون ، وأنتم موصوفون بالكفاح ، معروفون بالخير والصلاح ، والنخبة التي انتخبت ، والخيرة التي اختيرت لنا أهل البيت ، قاتلتم العرب ، وتحملتم الكدّ والتعب ، وناطحتم الأمم ، وكافحتم البهم ، لا نبرح أو تبرحون نامركم فتأتمرون ، حتّى إذا دارت بنا رحى الإسلام ودرّ حلب الأيام ، وخضعت ثغرة الشرك ، وسكنت فورة الإفك ، وخمدت نيران الكفر ، وهدأت دعوة الهرج ، واستوسق نظام الدين ، فأنّى حزتم بعد البيان ، وأسررتم بعد الإعلان ، ونكصتم بعد الإقدام ، وأشركتم بعد الإيمان ، بؤساً لقوم نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وهمّوا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أوّل مرّة ، أتخشونهم ، فالله أحقّ أنْ تخشوه إنْ كنتم مؤمنين ألا وقد أرى أنْ قد أخلدتم إلى الخفض ، وأبعدتم من هو أحقّ بالبسط والقبض وخلوتم بالدعة ، ونجوتم بالضيق من السعة ، فمججتم ما وعيتم ، ودسعتم الذي تسوغتم ، فإنْ تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإنّ الله لغنيّ حميد ، ألا وقد قلت ما قلت ، هذا على معرفة منّي بالجذلة التي خامرتكم ، والغدرة التي استشعرتها قلوبكم ، ولكنّها قيضة النفس ، ونفثة الغيظ وخور القناة ، وبثّة الصدر ، وتقدمة الحجّة ، فدونكموها ، فاحتقبوها دبرة الظهر ، نقبة الخف ، باقية العار ، موسومة بغضب الجبّار وشنا الأبد ، موصولة بنار الله الموقدة التي تطّلع على الأفئدة ، فبعين الله ما تفعلون ، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون ، وأنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد ، فاعملوا إنّا عاملون ، وانتظروا إنّا منتظرون.
فأجابها أبو بكر ، عبد الله بن عثمان وقال : يا بنت رسول الله ، لقد كان أبوك بالمؤمنين عطوفا كريما رؤوفاً رحيما ، وعلى الكافرين عذابا أليما ، وعقابا عظيما ، إن عزوناه وجدناه أباك دون النساء ، وأخا إلفك دون الأخلاء ، آثره على كلّ حميم ، وساعده في كلّ أمر جسيم ، لا يحبّكم إلاّ سعيد ، ولا يبغضكم إلاّ شقيّ بعيد ، فأنتم عترة رسول الله الطيبون ، الخيرة المنتجبون على الخير أدلتنا ، وإلى الجنّة