عظام التاريخ ، وما
كان في التاريخ ، فلندعه للتاريخ نفسه ، وما كان قد انقضى ، فإنّه قد انقضى وولى
.. إذن ، فليس لنا نحن الضعفاء أن نقلب في أوراق التاريخ ، ونقيّم أبطاله ونستدرج
أمجاده ، فنتقصاها حتّى نستهدفها بالتقريع ، ونطالها بالتنديد ونحن نحسب أنّا نحسن
صنعاً ، بل أنّا سنكون وكُلّما اقتربنا من الحلول وحسب توهمات تصوراتنا ، فإنّا
سنكون أقرب إلى الخروج من دين اللّه ونحن لا نشعر .. ».
صرت انتقد نفسي ، ما الذي حصل! ما الذي
حدث؟ إنك تنتصر لهم ، فأين تقف الآن أنت ، مع من؟ بأي دين تدين ، هل تقف على
الأعراف ..؟ كُلّ هذه الأسئلة كانت تحوم في ذاكرتي ، وليس لها أن تبارح مخيلتي ،
بل ليس لها أن تزايل حلقات أفكاري ، كما ليس لها أن تغادر ذهني والتعلق في زواياه
كافة. وهل عليّ أن أتحقق من الأمر بنفسي وأنبذ القول السائد والعرف الشائع : انصر
أخاك ظالماً أو مظلوماً ، فأنتصر لمذهبي سواء كان ظالماً أو مظلوماً ، وأُدافع عن
أئمتي غاصبين كانوا أم لم يكونوا .. وإذن سأدخل مدخل أولئك الذين كانوا لا يقولون
إلاّ : ( إِنّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّة وَإِنّا
عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ ).
ليأتيني الجواب بعدها : ( أَوَلَوْ كانَ
آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ .. ).
ولماذا نؤمن بالتطور ، وإنّ آباءنا كانوا يعيشون في زمان لم نخلق نحن لأجله ،
ونعيش اليوم نحن الآخرون في زمان لم يخلقوا هم الآخرون لأجله ، فكيف يمكن أن
نناقشهم بمثل هذه المسائل ونعرض عن مناقشتهم واتخاذ قراراتنا النهائية وبأنفسنا في
أعظم المسائل وأخطرها وهي الإمامة والاعتقاد ، ولبّ الأُصول وأساس وجودنا في هذه
الحياة لأ نّه لو لم نكن موجودين ، لكنا في طي العدم! ولما لم نكن كذلك ، فكان
علينا أن نشكر المنعم على ما أولانا به من عنايته ،