حتّى لحقه من تأخر
عنه من الناس ، ورجع إليه من تقدمه منهم.
ـ « إذن فثمة ما نزل بحق علي في عرفة ، وثمة
ما نزل بحقه كذلك بعده؟ ».
ـ « إنّما ثمة ما كان قد أعلنه رسول
اللّه بحقه في عرفات ، وثمة ما نزل بحقه فيما بعد ذلك عند الغدير! ذلك أنّه لما
اجتمع المسلمون هناك ، صلى بهم الرسول الفريضة ، ثُمّ خطبهم عن اللّه عزّ وجلّ ، فصدع
بالنصّ في ولاية علي .. وقد حمله عن رسول اللّه كُلّ من كان معه يومئذ من تلك
الجماهير ، ولقد كانت تربو على مائة ألف نسمة ، أتت وتوافدت من بلاد شتى ».
ـ « وهل استشهد علي بن أبي طالب نفسه
بهذا الحديث؟ ».
ـ « نعم ، فلقد قام بذلك في أيام خلافته
، إذ جمع الناس في الرحبة ، فقال : أنشد اللّه كُلّ امرئ مسلم سمع رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول يوم
غدير خم ما قال ، إلاّ قام فشهد بما سمع ، ولا يقم إلاّ من رآه بعينيه وسمعه
بأذنيه ، فقام ثلاثون صحابياً ، فيهم اثنا عشر بدرياً! فشهدوا أنّه أخذه بيده ، فقال
للناس : أتعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : نعم ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : من كنت
مولاه ، فهذا مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه .. ».
ـ « أتريدين القول بأنّ ثلاثين صحابياً
كانوا قد شهدوا بذلك؟ ».
ـ « أجل! مع أنّ الإسلام يقر شهادة
اثنين .. فكيف لو كان الشهود ثلاثين شخصاً .. وأنت تعلم أن تواطؤ الثلاثين صحابياً
على الكذب مما يمنعه العقل ، فحصول التواتر بمجرد شهادتهم ، إذن هو أمر قطعي لا
ريب فيه أبداً. وقد حمل هذا الحديث عنهم كُلّ من كان في الرحبة من تلك الجموع ، فبثوه
بعد تفرقهم في البلاد ، فطار كُلّ مطير ».
ـ « وهل كان يوم الرحبة في أيام خلافة
علي بن أبي طالب؟ ».