ـ « بالتأكيد! إذ إنّه مما لا يخفى على المتبصر في مثل هذه الشؤون أن يوم الرحبة إنّما كان في خلافة أمير المؤمنين ».
عندها اندفعت وأنا أقول :
ـ « إن حمل الصحابة على الصحة يستوجب تأويل حديث الغدير متواتراً كان أو غير متواتر ، لأن لفظ المولى يستعمل في معان متعددة ورد به القرآن العظيم : فتارة يكون بمعنى الأولى ، كقوله تعالى مخاطباً للكفار : ( مَأوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) ، أي أولى بكم ، وتارة بمعنى الناصر ، كقوله عز اسمه : ( ذَلِكَ بِأنَّ اللّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأنَّ الكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ ) ، وبمعنى الوارث ، كقوله سبحانه : ( وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ ) ، أي ورثة ، وبمعنى العصبة ، نحو قوله عزّ وجلّ : ( وَإنِّي خِفْتُ المَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي ) ، وبمعنى الصديق ، كقوله تعالى : ( يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلىً عَنْ مَوْلىً شَيْئاً ). وكذلك لفظ الولي يجيء بمعنى الأولى بالتصرف ، كقولنا : فلان ولي القاصر ، وبمعنى الناصر والمحبوب. فلعل معنى الحديث من كنت ناصره ، أو صديقه ، أو حبيبه ، فإنّ علياً كذلك. وهذا المعنى يوافق كرامة السلف الصالح ، وإمامة الخلفاء الثلاثة رضياللهعنهم أجمعين ».
قالت :
ـ « أنا أعلم بأن قلبك لا يطمئن بما ذكرته أنت نفسك ، بل لا يعتد به ، ونفسك لا يمكنها أن تركن إليه ، وإنك تقدر رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في حكمته البالغة ، وعصمته الواجبة ونبوته الخاتمة ، وأ نّه سيد الحكماء وخاتم الأنبياء ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى * إنْ هُوَ إلا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى ) ».
ـ « أنا أعلم ما تريدين قوله ».