ثامناً : وجوب التعلُّم كفايةً على العامّة من الناس ، حتّى أنّهم يُؤثمون جميعاً إن لم يتفرّغ جماعة منهم لطلب علم الشريعة ؛ إذ وجوب التعلّم حينئذٍ يكون واجباً عينيّاً عليهم جميعاً بتركهم لهذه الفريضة العظيمة التي بها يكون قوام الدين وحفظه وبقاؤه.
تاسعاً : وجوب رجوع الجاهل إلى أهل الخبرة والعلماء فيما يبتلي به من الأحكام والتكاليف.
والحاصل أنّ وجود الأحكام والمكلّفين
ووجوب التعليم والتعلّم ووجوب رجوع الجاهل إلى العالم لا يختصّ بزمان دون زمان ، فالاجتهاد والتقليد على النحو المألوف الآن ـ أعني استنباط الأحكام من مصادر التشريع ، وإخراج الفروع من الاُصول ـ كان في عصر المعصومين عليهمالسلام
وإن كان أكثر شفّافية ، وأشدّ بدائية ممّا هو عليه اليوم ؛ لأنّ عملية الاجتهاد شهدت تطوّراً ملحوظاً بعد عصر المعصومين عليهمالسلام
ـ منذ الغيبة الكبرى ـ ، وأصبحت أشدّ تعقيداً شُبِّه الاجتهاد بمحاولة حفر جبلٍ صُلْبٍ بإبرة الخياطة للتوصّل إلى عين الماء في بطن ذلك الجبل ، وشبّهوا المجتهد بمن يحمل بيده إبرةً يحفر بها جبلاً