وعبادة وورعاً » (١).
إذا كان الأمر كذلك باعتراف أهل السنّة والجماعة ، فلماذا كلّ هذا
__________________
١ ـ هذا النصّ في المناقب لابن شهرآشوب ٣ : ٣٧٢ ، وجاء في كتاب التوسّل والوسيلة لابن تيمية ص : ٩٢ بلفظ : « ولقد اختلفت إليه زماناً فما كنت أراه إلاّ على ثلاث خصال : إمّا مصلياً وإما صامتاً وإما يقرأ القرآن ، ولا يتكلم فيما لا يعنيه ، وكان من العلماء والعباد الذين يخشون اللّه » ، ونحوه في تهذيب التهذيب لابن حجر ٢ : ١٠٤.
ومن الملاحظ أنّ علماء الرجال يفرّقون بين العابد الزاهد التقي وبين الثقة الضبط أو الصدوق ، فلا يوجد تلازم بين أن يكون الشخص زاهداً عابداً تقياً وأن يكون ثقة يروى عنه ، فقد يكون زاهداً وعابداً لكن لا يروى عنه لعدم كونه ثقة أو غير ضابط أو غير ذلك ، وقد يكون ثقة وليس زاهداً عابداً تقياً ، ولهذان الأمران أمثلة كثيرة في كتب الرجال ، والرجالي عمله الأولي أن يكون الراوي ثقة ولا ربط له بأمر آخر.
بعد هذا الإيضاح نرجع إلى ما ذكره في كشف الجاني : ١٦١ ، حيث إنّ المؤلّف ذكر عبارة عن الإمام مالك فيها شهادة بتقواه وزهده وعبادته ، بينما عثمان الخميس ردّ على المؤلّف بأنّ مالكاً لم يرو عن الصادق عليهالسلام منفرداً بل يضم إليه شخص آخر ، وهذا لا ربط له بكلام المؤلّف كما أوضحناه ، لأنّ الزهد والتقوى شيء والثقة والضبط في الرواية شيء آخر ، فعدم رواية الإمام مالك عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام منفرداً ـ إن صح ـ لا ينافي مدح مالك للإمام الصادق وكونه زاهداً عابداً ورعاً أو غير ذلك ، وهذا الكلام الذي ذكره في كشف الجاني ناشئ من قلّة الاطلاع على فنّ علم الحديث ومعرفة قوانينه.