فلا يتمكّن الشيطان من إغوائه ، ولا تتمكّن النفس الأمّارة بالسوء من التغلّب على عقله فتجرّه للمعصية ، وهذا الأمر لم يحرم اللّه منه عباده المتّقين كما تقدّم في آية ( إنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ) (١).
وهذه العصمة الموقوتة لعباد اللّه في حالة معينّة ، قد تزول لفقد سببها ألا وهي التقوى ، فالعبد إذا كان بعيداً عن تقوى اللّه لا يعصمه اللّه ، أمّا الإمام الذي اصطفاه اللّه سبحانه فلا يحيد ولا يتزحزح عن التقوى وخشية اللّه سبحانه وتعالى.
وقد جاء في القرآن الحكيم حكاية عن سيّدنا يوسف عليهالسلام : ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالفَحْشَاءَ إنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُخْلَصِينَ ) (٢).
ولأنّ سيّدنا يوسف لم يهم بالزنا ، كما فسّره بعض المفسّرين ، فحاشا أنبياء اللّه من هذا الفعل القبيح ، ولكنّه همّ بدفعها وضربها إذا اقتضت الحال ، ولكنّ اللّه سبحانه عصمه من ارتكاب مثل هذا الخطأ؛ لأنّه لو فعله لكان سبباً في اتهامه بالفاحشة ، وتكون حجّتها قويّة ضدّه ، فيلحقه منهم عند ذلك السوء.
__________________
١ ـ الأعراف : ٢٠١.
٢ ـ يوسف : ٢٤.