فقول الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم تركتُ فيكم « كتاب اللّه وسنّتي » لا يستقيم.
أمّا بالنسبة لكتاب اللّه فهو مكتوب ومحفوظ في صدور الرجال ، وبإمكان أيّ صحابي الرجوع إلى المصحف ولو لم يكن من الحفّاظ.
أمّا بالنسبة للسنّة النبويّة فليس هناك شيء مكتوب أو مجموعٌ في عهده صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فالسنّة النبوية كما هو معلوم ومتفق عليه كلّ ما قاله الرسول أو فعله أو أقرّهُ ، ومن المعلوم أيضاً أنّ الرسول لم يكن يجمع أصحابه ليعلّمهم السنّة النبوية ، بل كان يتحدّث في كلّ مناسبة ، وقد يحضر بعضهم وقد لا يكون معه إلاّ واحداً من أصحابه ، فكيف يمكن للرسول والحال هذه أن يقول لهم : تركتُ فيكم سنّتي؟
الوجه الثاني :
لمّا اشتدّ برسول اللّه وجعه ، وذلك قبل وفاته بثلاثة أيام ، طلب منهم أن يأتوه بالكتف والدواة ليكتُب لهم كتاباً لا يضلّوا بعده أبداً ، فقال عمر بن الخطاب : إنّ رسول اللّه ليهجر وحسبُنا كتاب اللّه (١)!
فلو كان رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قد قال لهم من قبل تركتُ : فيكم « كتاب
__________________
١ ـ مضى تخريجه فيما تقدم ، وذكرنا أنّ عمر هو الذي نسب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الهجر نقلا عن الغزالي وسبط ابن الجوزي وابن الأثير وابن تيمية والجوهري ، وتقدّم في كتاب « ثمّ اهتديت » الردّ على بعض الاعتراضات الواردة للتشكيك في هذه الحادثة.