عاماً ثمّ تكون ملكاً عضوضاً » (١).
وليس هذا موضوع بحثنا ، فمن أراد الاطلاع على ذلك فعليه مراجعة تاريخ الطبري ، وتاريخ ابن الأثير ، وأبي الفداء ، وابن قتيبة وغيرهم.
وإنّما أردتُ بيان مساوئ الاختيار وعقم النظرية من أساسها؛ لأنّ من نختاره اليوم قد ننقم عليه غداً ، ويتبيّن لنا بأنّنا أخطأنا ولم نُحسن الاختيار ، كما وقع ذلك لعبدالرحمن بن عوف نفسه عندما اختار للخلافة عثمان بن عفّان وندم بعد ذلك ، ولكن ندمه لم يُفد الأُمّة شيئاً بعد توريطها.
وإذا كان صحابي جليل من الرعيل الأوّل ، وهو عثمان ، لا يفي بالعهد الذي أعطاه لعبدالرحمن بن عوف ، وإذا كان صحابي جليل من الرعيل الأوّل ، وهو عبدالرحمن بن عوف ، لا يُحسن الاختيار ، فلا يمكنُ لعاقل بعد ذلك أن يرتاح لهذه النظرية العقيمة ، والتي ماتولّد عنها إلاّ الاضطراب وعدم الاستقرار وإراقة الدّماء.
فإذا كانت بيعة أبي بكر فلتةً ، كما وصفها عمر بن الخطاب ، وقد وقى اللّه المسلمين شرّها ، وقد خالف وتخلّف عنها جمع غفير من
__________________
١ ـ صحيح ابن حبان ١٥ : ٣٩٢ ، فتح الباري ٨ : ٦١ ، سير أعلام النبلاء ٣ : ١٥٧ ، البداية والنهاية ٣ : ٢٦٦.