فهؤلاء هم أهل الحلّ والعقد ، وكلامهم نافذٌ على كلّ المسلمين ، سواء منهم سكان المدينه ( عاصمة الخلافة ) أو غيرهم في كلّ العالم الإسلامي ، ومَا على المسلمين إلاّ السمع والطاعة بدون نقاش ، ومن يخرج منهم على ذلك فهو مهدور الدم. وهذا بالذات الذي أردنا تقريبه من ذهن القارئ بخصوص السكوت عن نصّ الغدير فيما تقدّم.
وإذا كان عمر يعلم نفسيات هؤلاء الستّة وعواطفهم وطموحاتهم ، فإنّه بلا شكّ قد رشّح عثمان بن عفّان للخلافة ، أو أنّه كان يعلم أنّ الأكثرية من هؤلاء الستّة لا يرضون بعليّ ، وإلاّ لماذا وبأىّ حقّ يرجّح كفّة عبد الرحمن بن عوف على عليّ بن أبي طالب ، والحال أنّ المسلمين منذ وُجدُوا وحتّى اليوم إنّما يتنازعون في أفضلية علي وأبي بكر ، ولم نسمع أحداً يقارن عليّاً بعبد الرحمن بن عوف؟
وهنا أقفُ وقفةً لابدّ منها ، لأسألَ أهل السنّة والجماعة القائلين بمبدأ الشورى وأهل الفكر الحرّ كافة ، أسألُ كلّ هؤلاء؟ كيف توفّقون بين الشورى بمعناها الإسلامي ، وبين هذه الفكرة التي إن دلّتْ على شيء فإنّما تدلّ على الاستبداد بالرأي؛ لأنّه هو الذي اختار هؤلاء النفر وليس المسلمون ، وإذا كان وصوله للخلافة فلتةً ، فبأىّ حقّ يفرض على المسلمين أحد هؤلاء الستّة؟!