عن الحكم ما استطاع لذلك سبيلاً.
وهذا الاستنتاج لم نستوحه من خطبته السابقة فحسب ، ولكنّ المتتبّع للتاريخ يعرف أنّ عمر بن الخطاب كان هو الحاكم الفعلي حتّى في خلافة أبي بكر ، ولذلك نرى أبا بكر يستأذن من أُسامة بن زيد أن يترك له عمر بن الخطاب ليستعين به على أمر الخلافة (١) ، ومع ذلك نرى عليّ بن أبي طالب يبقى بعيداً عن المسؤولية ، فلم يولّوه منصباً ولا ولاية ، ولا أمّروه على جيش ، ولا ائتمنوه على خزينة ، وذلك طوال خلافة أبي بكر وعمر وعثمان ، وكلّنا يعلم من هو عليّ بن أبي طالب!!
والأغرب من كلّ هذا أنّنا نقرأ في كتب التاريخ بأنّ عمر لما أدركته الوفاة تأسّف أن لا يكون أبو عبيدة بن الجراح ، أو سالم مولي أبي حذيفة من الأحياء حتّى يولّيهم من بعده ، ولكنّه ولا شكّ تذكّر بأنّه سبق أن غيّر رأيه في مثل هذه البيعة ، واعتبرها فلتة وغصباً لأُمور المسلمين ، فلابدّ له إذن أن يخترع طريقة جديدة في البيعة
__________________
١ ـ في تاريخ الطبري ٣ : ٢٢٦ : « قال أبو بكر : إن رأيت أن تعينني بعمر فافعل » ، وفي الطبقات ٢ : ١٤٧ : « كلّم أبو بكر أُسامة في عمر أن يأذن له في التخلّف ففعل » ، الكامل في التاريخ ٢ : ٣٣٥ ، تاريخ خليفة بن الخياط ٦٤ ، تاريخ ابن الوردي ١ : ١٣٤ ، البداية والنهاية ٦ : ٢١٨.