الخطاب في خصوص البيعة فهمنا بعد ذلك كثيراً من الألغاز التي بقيت محيّرة.
فعُمر يرى بأنّه يكفي لصحة البيعة أن يسبق إليها أحد المسلمين فيجب على الآخرين متابعته ، ومن عصا منهم فهو خارج من ربقة الإسلام ويجبُ قتلُه.
فلنستمع إليه يتحدّث عن نفسه في خصوص البيعة ، كما أخرجه البخاري في صحيحه (١) ، قال يحكي عمّا وقع في السقيفة :
« فكثُر اللّغطُ وارتفعت الأصواتُ حتّى فرقت من الاختلاف ، فقلتُ : أبسط يدك يا أبابكر ، فبسط يدَهُ فبايعتهُ وبايعَهُ المهاجرون (٢) والأنصار ، ونزونا على سعد بن عباده ، فقال قائل منهم : قتلتم سعد بن عبادة ، فقلتُ : قتل اللّه سعد بن عبادة ، قال عمر : وإنا واللّه ماوجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر ، خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعةٌ أن يبايعوا رجُلاً منهم بعدنا ، فَإمّا بايعناهم على ما لا
__________________
١ ـ صحيح البخاري ٨ : ٢٦ ، كتاب المحاربين ، باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت.
٢ ـ ذكر كلّ المؤرخين بأنّه لم يحضر في السقيفة إلاّ أربعة من المهاجرين ، فقوله : « فبايعته وبايعه المهاجرون يعارضه قوله : »وخالف عنّا علي والزبير ومن معهما » ، قاله في نفس الخطبة ، انظر : صحيح البخاري باب رجم الحبلى من الزنا ، من كتاب المحاربين ( المؤلف ).