ثانياً
: إذا كان أهل الحلّ والعقد من سكّان المدينة قد أبرموا أمراً ، فليس للقاصين
البعيدين من أطراف الجزيرة أن يعارضوا ، وهم لا يدرون مايدور في غيابهم ، فوسائل
النقل في ذلك العهد كانت بدائية ، ثمّ إنهم يتصوّرون بأنّ سكّان المدينة يعيشون مع
رسول اللّه ، فهم أعلم بما يستجد من أحكام قد ينزل بها الوحي في أيّ ساعة وفي أيّ
يوم.
ثمّ بعد ذلك ما يهمّ رئيس القبيلة
البعيد عن العاصمة من أمر الخلافة شيئاً ، فبالنسبة إليه سواء أكان أبو بكر خليفة
أم عليّ أم أيّ شخص آخر ، فأهل مكة أدرى بشعابها ، والمهم عنده هو بقاؤه هو على
رئاسة عشيرته ولا ينازعه فيها أحد.
ومن يدري لعلّ البعض منهم تسائل عن
الأمر وأراد أن يستطلع الخبر ، غير أنّ أجهزة الحكم أسكتته سواء بالترغيب أو
بالترهيب ، ولعلَّ في قصة مالك بن نويرة الذي امتنع عن دفع الزكاة إلى أبي بكر
مايؤكّد حصول ذلك.
والمتتبّع لتلك الأحداث التي وقعت في
حرب مانعي الزكاة أيام أبي بكر يجد كثيراً من التناقضات ، ولا يقتنع بما أورده بعض
المؤرّخين للحفاظ على كرامة الصحابة؛ وخصوصاً الحاكمين منهم.
ثالثاً
: عنصر المفاجئة في القضية لعبَ دورا كبيراً في قبول