تكن هناك مواصلات جوية ، ولا هواتف لاسلكية ، ولا أقمار صناعية.
وبعد اتّفاق هؤلاء الزعماء على تعيين أبي بكر ، ورغم معارضة سيّد الأنصار سعد بن عبادة زعيم الخزرج وابنه قيس ، إلاّ أن الأغلبية الساحقة ( كما يقال اليوم ) أبرمتْ العقد وتصافقتْ عليه ، في حين كان أغلب المسلمين غائبين عن السقيفة ، وكان بعضهم مشغولاً بتجهيز الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أو مذهولاً بخبر موته ، وقد أرعبهم عمر بن الخطاب وخوّفهم إن قالوا بموته (١).
أضف إلى ذلك أنّ أغلب الصحابة عبّأهم رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في جيش أُسامة ، وأكثرهم كانوا معسكرين بالجرف ، ولم يحضروا وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا حضروا مؤتمر السقيفة.
فهل يُعقلُ بعد هذا الذي وقع أن يعارض أفراد القبيلة أو العشيرة زعيمهم فيما أبرمه ، خصوصاً وأن فيما أبرمه الفضل العميم والشرف الكبير الذي تسعى إليه كلّ قبيلة منهم ، ومن يدري لعلّه يلحقهم في يوم من الأيام شرف الرئاسة على كلّ المسلمين ، ما دام صاحبها الشرعي قد أُبعِدَ وأصبح الأمر شورى يتداولونه بينهم بالتناوب ، فكيف لا يفرحون بذلك وكيف لا يؤيدونه؟
__________________
١ ـ صحيح البخاري ٤ : ١٩٢ ، كتاب فضائل الصحابة ، باب فضل أبي بكر.