والذي ختم اللّه به كلّ الشرائع ـ أن يُهمل أمراً مهماً كهذا.
وقد عرفنا فيما تقدّم بأنّ عائشة وابن عمر وقبلهما أبو بكر وعمر أدركوا كلّهم بأنّه لابدّ من تعيين الخليفة ، وإلاّ لكانت فتنة ، كما أدرك ذلك مَن جاء بعدهم من الخلفاء ، فكلُّهم عَيّنوا مَنْ بعدهم ، فكيف تغيب هذه الحكمة على اللّه وعلى رسوله؟!
فالقولُ بأنّ اللّه سبحانه أوحى إلى رسوله في الآية الأُولى « آية البلاغ » وهو راجع من حجّة الوداع بأنْ يُنصّب عليّاً خليفة له بقوله : ( يَا أيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا اُنزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) أي : يامحمّد إنْ لم تبلّغ ما أمرتك به بأنّ علياً هو ولي المؤمنين بعدك فكأنك لم تُكمل مهمتك التي بُعثتَ بها ، إذ أنّ إكمال الدين بالإمامة أمرٌ ضروري لكلّ العقلاء.
ويبدو أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يخشى معارضتهم له أو تكذيبهم ، فقد جاء في بعض الروايات قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « وقد أمرني جبرئيل عن ربي أن أقوم في هذا المشهد وأُعلم كلّ أبيض وأسود : أنّ علي بن أبي طالب أخي ووصيّي وخليفتي والإمام بعدي ، فسألتُ جبرئيل أن يستعفي لي ربّي لعلمي بقلّة المتّقين وكثرة المؤذين لي واللائمين لكثرة ملازمتي لعليّ وشدّة إقبالي عليه حتى سمّوني أُذناً ، فقال تعالى : ( وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ اُذُنٌ قُلْ اُذُنُ خَيْر لَكُمْ ) (١)
__________________
١ ـ التوبة : ٦١.