وأغلبُ الظنّ أنّ القائلين بمبدأ الشورى في الخلافة ومؤسّسي هذه النظرية هم الذين صرفوا نزولها عن حقيقتها يوم غدير خمّ بعد تأمير الإمام عليّ ، فكان تحويل نزولها في يوم عرفة أهون وأسهل على القائلين به؛ لأنّ يوم الغدير جمع مائة ألف حاج أو يزيدون ، وليس هناك مناسبة في حجّة الوداع أقرب إلى الغدير من يوم عرفة في المقارنة ، إذ أن الحجيج لم يجتمعوا على صعيد واحد إلاّ فيهما ، فالمعروف أن الناس يكونون متفرّقين جماعات وأشتاتاً في كلّ أيام الحجّ ، ولا يجتمعون في موقف واحد إلاّ في عرفة.
ولذلك نرى أنّ القائلين بنزولها يوم عرفة يقولون بنزولها مباشرة بعد خطبة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الشهيرة والتي أخرجها المحدّثون.
وإذا كان النص بالخلافة على عليّ بن أبي طالب قد صرفوه عن حقيقته وباغتوا الناس ـ بمن فيهم عليّاً نفسه والذين كانو منشغلين معه بتجهيز الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ودفنه ـ بالبيعة لأبي بكر في سقيفة بني ساعدة على حين غفلة ، وضربوا بنصوص الغدير عرض الجدار ، وجعلوه نسياً منْسيَّاً ، فهل يمكن لأيّ أحد بعد الذي وقع أن يحتجّ بنزول الآية يوم الغدير؟
فليست الآية أوضح في مفهومها من حديث « الولاية » ، وإنّما تحمل في معناها إكمال الدين ، وإتمام النعمّة ورضى الربّ ليس إلاّ ،