لا تختم الإبداع ،
وهذا فيه الكثير من الصواب في رأينا ، فالتراث البشري يمثل شراكة إنسانية ، ويتنوع
فيه العطاء ، لكنه في المحصلة هو المشكّل للذاكرة ، وهنا مكمن أهميته ، ليعود
تدريجياً إلى بدايات الناس ، ثم يعود إلى العلاقة التي يشترك فيها العمق البشري
النفسي بالإبداع ، فالكل يربط بين النفس والشعر مثلاً ، ليقولوا في النهاية : إنّ
المساحة التي يتحرك فيها الشعر هي مساحة فوق المألوف ، وهي ذاك المجال النفسي الذي لا يخضع في
جوهره لقوانين الزمان والمكان ، إلاّ بالمقدار الذي تحكمه فيه آليات الجسد ، وهو
بخلاف ذلك قد يحار المرء في المنشا أو المكان الذي يصدر عنه ، ولهذا الكلام مكان
في آراء الشعراء والبلاغيين والنقاد العرب منذ القديم حتى العصر الراهن ، ونظن أنه
إلى المستقبل يمتد أيضاً ، وربما دلّ مؤسس المذهب ( السوريالي ) في سورية على ذلك
عند قوله : « ان العقل الباطن يحاول دائماً أن يوجد تلاؤماً بين جميع العناصر التي
تعيش مجتمعة فيه ، وتنفرد إحدى هذه المحاولات بتمثيل حالة إنسانية عامة ، تنبثق من
الفرد وكأنه كل ما مرَّ وكل ما سيأتي من أجيال » .