إذن ، فالناس مفارقة للدين الذي صرف رسول الله صلىاللهعليهوآله عمره من أجل إعلاء شأنه ، بحسب ما يفهم من كلام الإمام ، ونأخذ مثالا على ذلك هذا المقطع من خطابه لأصحابه ، يقول :
« وقد ترون عهود الله منقوضة فلا تغضبون! وأنتم لنقض ذممم آبائكم تأنفون! وكانت أمور الله عليكم ترد ، وعنكم تصدر ، وإليكم ترجع ، فمكّنتم الظلمة من منزلتكم » (١).
فالملاحظ في معظم كلمته عليهالسلام أن الناس قد صرفتهم الدنيا عما جاء به النبيّ صلىاللهعليهوآله أو معظمهم ، فبذل جهده في إعادة هذا الأمر إلى نصابه ، وكان بذلك يعبّر عندما يريد الدخول في اعادته ، أي أنه كان يحضر ذكر الرسول الكريم ، ويجلي صدور الناس بتعداد مزاياه تارة ، واظهار حقيقته أخرى ، واعادة سيرته مرات ، بهدف توثيق العلاقات ما بينه وبين الناس ، في مواجهة نكوصات وانتكاس الناكسين. هذا الأمر الأول.
والأمر الثاني : يمكن التعرّف إليه أيضاً من خلال سيرته في الناس ، وهو التدليل على الإمام الهادي ، الإمام ( المثال ) ، في مواجهة زيغ قلوب الناس نحو أشخاص لا يرى فيهم ابتداءً أهلية القيادة ، فضلا عن أن منصب الإمامة لا يطالونه بحال ، ليس فقط لقصر قوامهم ، وإنما لما هو من تدبير الله ورسوله ، أعني من الشؤون التي
__________________
١ ـ نهج البلاغة : الخطبة ١٠٥.