وفي انتقال إلى موضع يذكر فيه النبيّ بقوله : « اجعل شرائف صلواتك ، ونوامي بركاتك ، على محمد عبدك ورسولك ، الخاتم لما سبق ، والفاتح لما انغلق ، والمعلن الحق بالحق ، والدافع جيشات الأباطيل ، والدامغ صولات الأضاليل » (١).
يلعب اظهار نور محمد صلىاللهعليهوآله في حياة عليّ عليهالسلام الدور الأكثر حسماً ، والأشد وضوحاً لسببين فيما نرى رئيسيين :
الأول : يفهم من اجمال مواقفه وكلماته عليهالسلام بأن الناس قد ذهبوا بعيداً في التغيير في البناء النفسي الذي رسخ معالمه وابتدأ انشاءه النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وقد يلاحظ المتابع لمواقفه وآرائه وخطابه أنه يلهج وراء اعادة المستوى النفسي الإيماني للبشر كافة ، وكان شيئاً مخالفاً جداً لما جاء به النبيّ صلىاللهعليهوآله قد صار في حياة الناس شأناً اعتيادياً ، والذي يدركه الإمام بالقطع لا قدرة لأحد على ادراكه ، فهو كرسول الله صلىاللهعليهوآله ( أولى بالمؤمنين من أنفسهم ) لخصيصة الإقامة جوهرياً ، والتي يلزم منها بالضرورة كون هذا الإمام شاملا علمه ، تامة معارفه ، لا يعلمه أحد ، ولا يشعر أحد بأنه أشد منه بأساً في أي شأن من شؤون الدنيا والآخرة ، وأنه بناءً على ما قدمت لنا أبحاث نظرية الإمامة ، فهو كامل العصمة ، وعلته أن الله سبحانه اصطفاه ، مثلما برهنا في المكان الذي ورد فيه معنى العصمة بالإجمال.
__________________
١ ـ نهج البلاغة : الخطبة ٧١.