رشيداً » (١) في هذه تجمل الأنبياء لديه عليهالسلام ، فهو في مكان آخر من كلامه ، يقول : « واصطفى سبحانه من ولده أنبياء ـ أي آدم ـ ، أخذ على الوحي ميثاقهم ، وعلى تبليغ الرسالة أمانتهم ، لمّا بدّل أكثر خلقه عهد الله إليهم ، فجهلوا حقّه ، واتخذوا الأنداد معه ، ... وواتر إليهم أنبياءه ، ليستأدوهم ميثاق فطرته ، ويذكروهم منسي نعمته ، ويحتجوا عليهم بالتبليغ » (٢).
لعل هذا عمل من أعمال الأنبياء ، وكما أشرنا قبلا فإن ثمة مراتب يبوح بالتعريف فيها الإمام ، تارة تظهر الحقيقة بما هي جوهر ، وتارة تصدر لتعرف أو تشير إلى أداء من أداءاتها ، أو صفة من صفاتها ، فهو هنا يعبر عن صفة أكثر من كونها كنه أو ذات ، ونلاحظ مراودة الكلمة للمعنى عندما يريد لها أن تشير إلى صفة كيف تندرج إلى عالم الصفات ، وعندما يستدرجها كي تعبّر عن الحقيقة ، كيف ترتفع معه إلى مصافها ، وفي تعبير منه عن المكان الذي يضع فيه محمد صلىاللهعليهوآله أمانته ، يقول في آل النبيّ عليهمالسلام « هم موضع سرّه ، ولجأ أمره ، وعيبة علمه ، وموئل حكمه ، وكهوف كتبه ، وجبال دينه ، بهم أقام انحناء ظهره ، واذهب ارتعاد فرائصه » (٣).
__________________
١ ـ نهج البلاغة : الخطبة ٩٩.
٢ ـ نهج البلاغة : الخطبة ١.
٣ ـ نهج البلاغة : الخطبة ٢.