قلبه ، وإن هو فعل لكان قد بلغ الاقبال بكلّيته عليه ، ولكان ممن أحباب الحكمة ، ولا غرابة في قوله عليهالسلام ، ومشابهته التامة بينه وبين رسول الله ، سوى في تنزيل القرآن ، فقد أورد في مكان آخر ما نصه في سبيل ايضاح حقيقته للناس قوله : « إنّ أمرنا صعب مستصعب ، لا يحتمله إلاّ عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان ، ولا يعي حديثنا إلاّ صدور أمينه ، وأحلام رزينة » (١).
وفي عطف هذا القول على ما قاله رسول الله صلىاللهعليهوآله في عليّ عليهالسلام : « عليّ مني وأنا من عليّ » نجد أن هذا التلازم بين محمد وعليّ وآل البيت عليهمالسلام ، هو تلازم في الكينونة في الماهية والذات ، الأمر الذي يجعلنا نقرّ بأن الإمامة في الناس هنا أيضاً قد انكشفت عن وحدة كما قدمنا بين رسل الله ، مستمرة متناقلة غير مفرقة فيما بين واحد منهم والآخر ، ولهذه الاستمرارية أعلام يظهرون فيما بين الزمن والآخر ، ولدى كل واحد منهم على السابق واللاحق.
يقول عليّ عليهالسلام : « كأني بما انتهى إلي من أمورهم قد عمّرت مع أولهم إلى آخرهم » (٢) ، ويقول في مكان آخر « أريدكم لله وأنتم تريدونني لأنفسكم » (٣) ، فهو في مقولته الأولى يدلي بأنه جائز على
__________________
١ ـ نهج البلاغة : خطبة ١٨٩.
٢ ـ نهج البلاغة : كتاب ٣١.
٣ ـ نهج البلاغة : الخطبة ١٣٦.