ومن المهم ونحن نتحدث عن نظرية المذهب الذاتي كنقلة منهجية في المبحث الكلامي أن نشرح بأكثر عمق طريقة التوالد الذاتي للمعرفة.
ذكرنا سابقاً أن المذهب الذاتي يرى أن أكثر معارفنا تتوالد بطريقة ذاتية لا موضوعية وهذا التوالد يمرّ بمرحلتين مرحلة موضوعية ومرحلة ذاتية : ( إن كل معرفة ثانوية يحصل عليها العقل على أساس التوالد الذاتي تمر بمرحلتين إذ تبدأ أولا مرحلة التوالد الموضوعي وفي هذه المرحلة تبدأ المعرفة احتمالية وينمو الاحتمال باستمرار ويسير نمو الاحتمال في هذه المرحلة بطريقة التوالد الموضوعي حتى تحظى المعرفة بدرجة كبيرة جداً من الاحتمال غير ان طريقة التوالد الموضوعي تعجز عن تصعيد المعرفة إلى درجة اليقين وحينئذ تبدأ مرحلة التوالد الذاتي لكي تنجز ذلك وترتفع بالمعرفة إلى مستوى اليقين ) (١).
والتعميمات الاستقرائية كلها تمر بهاتين المرحلتين :
مرحلة أولى : يعتمد فيها المنهج الاستنباطي والمرحلة الثانية : يعتمد طريقة التوالد الذاتي لتصعيد المعرفة الاستقرائية إلى درجة اليقين. ففي المرحلة الأولى يقوم ( الدليل الاستقرائي ) على أساس التوالد الموضوعي للفكر وتسمى هذه المرحلة بالمرحلة الاستنباطية في الدليل الاستقرائي لأن الدليل في هذه المرحلة يمارس عملية استنباط عقلي وفقاً لقواعد التوالد الموضوعي للفكر التي يحدّدها المنطق الصوري والدليل الاستقرائي في
__________________
١ ـ م. ن ، ص ١٤١.