في الارض ، ووقف الشابان عن يسار الطريق ، وبقي صاحب الفرجية على الطريق مقابل والدي ، ثم سلموا عليه فرد عليهمالسلام ، فقال له صاحب الفرجية : أنت غداً تروح الى أهلك؟ فقال : نعم ، فقال له : تقدم حتى ابصر ما يوجعك؟ قال : فكرهت ملامستهم ، وقلت في نفسي أهل البادية ما يكادون يحترزون من النجاسة : وأنا قد خرجت من الماء وقميصي مبلول ، ثم اني بعد ذلك تقدمت اليه فلزمني بيده ومدّتي اليه وجعل يلمس جانبي من كتفي الى أن أصابت يده التوثة فعصرها بيده ، فأوجعني ثم استوى في سرجه كما كان ، فقال لي الشيخ : أفلحت يا اسماعيل ، فعجبت من معرفته باسمي ، فقلت : أفلحنا وأفلحتم إن شاء الله ، فقال لي الشيخ : هذا هو الامام ، قال : فتقدمت اليه فاحتضنته وقبلت فخذه ، ثم انه ساق وانا امشي معه محتضنه ، فقال : ارجع فقلت : لا إفارقك أبداً فقال : المصلحة رجوعك ، فأعدت عليه مثل القول الاول ، فقال الشيخ : يا اسماعيل ما تستحي ، يقول لك الامام مرتين ارجح وتخالفه؟ فجبهني بهذا القول فوقفت فتقدم خطوات والتفت الي وقال : إذا وصلت بغداد فلابد أن يطلبك ابو جعفر ( يعني الخليفة المستنصر رحمهالله ) فاذا حضرت عنه وأعطاك شيئاً فلا تأخذه وقل لولدنا الرضي ليكتب لك الى علي ابن عوض ، فانني أوصيه يعطيك الذي تريد.
ثم سار وأصحابه معه ، فلم إزل فائماً أبصرهم الى أن غابوا عني ، وحصل عندي أسف لمفارقته فقعدت الى الارض ساعة ثم مشيت الى المشهد ، فاجتمع القوّام حولي وقالوا : نرى وجهك متغيراً أوجعك شيء؟ قلت : لا ، قالوا : أخاصمك أحد؟ قلت : لا ، ليس عندي مما تقولون خبر ، لكن اسألكم هل عرفتم الفرسان الذين كانوا عندكم؟ فقالوا : هم من الشرفاء