الثالث : ماهو واجبٌ علىٰ الرعيّة ، وهو أن ينصروه ويطيعوه ، ويذبّوا عنه ويقبلوا أوامره ، وهذا مالم يفعله أكثر الرعيّة.
فمجموع هذه الأُمور هو السبب التامُّ للطفيّة ، وعدم السبب التامّ ليس من الله ولا من الإمام لما قلناه ، فيكون من الرعيّة.
إن قلت : إنّ الله تعالىٰ قادرٌ على أن يُكَثِّرَ أولياءَه ويحملهم علىٰ طاعته ، ويقلّلَ أعداءه ويقهرهم علىٰ طاعته ، فحيث لم يفعل كان مُخِلَّاً بالواجب.
قلتُ : لمّا كان فعلُ ذلك مؤدّياً إلىٰ الجبر المنافي للتكليف لم يفعله تعالىٰ ، فقد ظهر أنّ نفس وجود الإمام لطفٌ وتصرُّفه لطفٌ آخر ، وعدم الثاني (١) لايلزم منه عدم الأوّل (٢) ، فتكون الإمامة لطفاً مطلقاً ، وهو المطلوب » (٣).
وما أجملَ ما قاله السيّد محسن الأمين العاملي (٤) :
وباللطف يقضي العقلُ حتماً فربُّنا |
|
|
|
لطيفٌ وفي كلِّ الأُمورِ له خُبْرُ |
|
يقرِّبُنا من كلِّ نفع وطاعة |
|
|
|
ويبعدُنا عن كلِّ ذنبٍ به الضرُّ |
|
_______________________
١) وهو تصرّف الإمام « انبساط يده وظهوره ».
٢) وهو أن وجودَه ـ بحد ذاته ـ لطفٌ.
٣) إرشاد الطالبين : ٣٢٨ ـ ٣٣٢.
٤) السيّد محسن الأمين العاملي ( ١٢٨٤ ـ ١٣٧١ ) عالم ، جليل ، ذائع الصيت له مؤلفات عدّة منها موسوعته الكبيرة « أعيان الشيعة ». انظر : الحسين والحسينيون : ١٧١ ، الأعلام : ٥ / ٢٨٧ ، أعيان الشيعة : ١٠ / ٣٣٣.