الثاني : المراد بسبيل المؤمنين هو الاجتماع على الإيمان وطاعة الله ورسوله ، فإنَّ ذلك هو ( الحافظ لوحدة سبيلهم ) (١).
الثالث : أن يكون سبيل المؤمنين خالياً من الاثم والعدوان ، كما ورد في الآيات الكريمة ، ومنها : قوله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) (٢) ، وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ) (٣).
فالله تعالى ينهى عن التعاون والمناجاة بالإثم والعدوان ، لإمكان وقوعه من قبل المسلمين.
الرابع : اختلف الصحابة فيما بينهم حتى وصل الحال بهم إلى الاقتتال ، كما حدث في معركة الجمل وصفين ، فيجب على الرأي المتقدم اتّباع الجميع ، اتّباع علي بن أبي طالب عليهالسلام والخارجين عليه ، وهذا محال ، واتّباع أحدهم دون الآخر يعني عدم اتّباع الجميع بل البعض منهم ، وهذا هو الوجه الصحيح ، وهو وجوب اتّباع من وافق الحق والشريعة وليس اتّباع كل سبيل.
فالسبيل المقصود هو سبيل المؤمنين الموافق للحق وللأسس الثابتة في الشريعة ، وليس هو سبيل كلّ فرد من أفراد المؤمنين.
وقد أشار ابن قيم الجوزية إلى استحالة توزيع سبيل المؤمنين على
__________________
(١) الميزان في تفسير القرآن ٥ : ٨٢.
(٢) سورة المائدة ٥ : ٢.
(٣) سورة المجادلة ٥٨ : ٩.