كثير من الناس معهم بالتوحيد ، وبالنبوة ، وصار إسلامهم حجة على فرعون وقومه.
وأما معجزات الانبياء والاوصياء عليهمالسلام فان أعداء الدين كانوا يعتنون بالتفتيش عنها ، فلم يعثروا على وجه حيلة فيها ، ولذلك كل من سعى في تفتيش عوارهم وتكذيبهم يفتش عن دلالتهم أهي شبهات أم لا؟ فلم يوقف منها على مكر وخديعة منهم عليهمالسلام ، ولا في شئ من ذلك ، ألاترى أن سحرة فرعون كانت همهم أشد في تفتيش معجزة موسى ، فصارواهم أعلم الناس بأن ماجاء به موسى عليهالسلام ليس بسحر ، وهم كانوا أحذق أهل الارض بالسحر ، وآمنوا وقالوا لفرعون : ( وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاء تنا ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين ) (١) فقتلهم فرعون ، وهم يقولون ( لا ضير إنا إلى ربنا لمنقلبون ) (٢) وقيل : إن فرعون لم يصل إليهم وعصمهم الله تعالى منه.
وأما القمر الذي أطلعه المعروف بالمقنع (٣) فانه ليس بأمر خارق للعادة وإنما هو إجراء عين من العيون التي تنبع في الجبال في ذلك الموضع ، متى كانت الشمس في برج الثور ، والجوزاء سامتت تلك العين ، انعكس فيها الشعاع إلى الجو ، وهناك تكثر الابخرة في الحر ، وتتراكم وتتكاثف ، فيركد الشعاع الذي انعكس من العين فيها ، فيرى إلى الناس صورة القمر ، وعلى هذا لما طمت تلك العين فسد ما فعله المقنع ، وقد عثر على ذلك واطلع ، وكل من اطلع على ذلك الوقت وأنفق المال وأتعب الفكر فيه أمكنه أن يطلع مثل ما أطلعه المقنع إلا أن
____________________
(١) الاعراف : ١٢٦.
(٢) الشعراء : ٥٠.
(٣) قيل اسمه حكيم ، وقيل حكيم بن عطا ، كان في بدو أمره قصارا من أهل مرو وكان يعرف شيئا من السحر والنيرنجات ، ولقب بالمقنع لانه قد عمل وجها من ذهب وركبه على وجهه لئلايرى وجهه الدميم وعينه العوراء ، وهذا القمر الذى عمله كان بنخشب ولذا يعرف بقمر نخشب و ( ماه نخشب ) ونخشب قرية بتركستان.