الإرسال ، وجائز للصاحب إذا أخبره الصحابة بشيء ، أن يحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا لم يقل سمعت ، ألا ترى ابن عباس حدّث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بما لا يكاد يحصى كثرة من الحديث ، ومعلوم أنّه لم يسمع منه إلاّ أحاديث يسيرة ) (١).
قال ابن الصلاح في مقدمته : ( ... إنّا لم نعدّ في أنواع المرسل ونحوه ما يسمى في أصول الفقه بمرسل الصحابي ، مثل ما يرويه ابن عباس وغيره من أحداث الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يسمعوه منه ، لأنّ ذلكم في حكم الموصول المسند ، لأنّ روايتهم عن الصحابة ، والجهالة بالصحابي غير قادحة ، لأنّ الصحابة كلّهم عدول ) (٢)!
أقول : وهذا التعليل الذي ذكره ابن الصلاح عليل ، ولا يصلح للردّ على من قال بفسق بعض الصحابة ، إستناداً على ما ورد في آية النبأ ، وما جاء في آيات سورة براءة والحجرات والتحريم والجمعة وغيرها ، ممّا أسقط كثيراً من غربال العدالة إلى هوة السفالة ، أمثال الوليد بن عقبة بن أبي معيط الذي سمّاه الله تعالى في كتابه فاسقاً ، وحاطب بن أبي بلتعة الذي خان الله ورسوله في كتابته إلى مكة يخبرهم بتجهيز النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إليهم ، وفيه نزلت آية : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء ) (٣) ، وما دونه كانت إشارة
____________________
(١) التمهيد ١ / ٢٥٠.
(٢) مقدمة ابن الصلاح / ٢٦. ودعوى عدالة كلّ الصحابة ، تأبى صحتها على مدعيها وسورة براءة وسورة الحجرات وسورة المنافقين ، سوى ما في القرآن الكريم من الآيات وأحاديث الحوض تكفي في إطالة الخوض.
(٣) الممتحنة / ١.