ـ ثم إنّ العصر الذهبي لبني العباس بدءاً من المنصور وحتى المأمون ، بل وإلى أيام المتوكل كان زاخراً برجال الحديث وجهابذة الفن ، كأحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين وأضرابهما ممن كانوا بالمرصاد لمن يدلّس في الإسناد ، فضلاً عن الوضاعين الكذابين.
ألم يذكر الذهبي في ( تذكرة الحفاظ ) : ( إنّ الرشيد أخذ زنديقاً ليقتله ، فقال : أين أنت من ألف حديث وضعتها؟ فقال الرشيد : أين أنت يا عدو الله من أبي إسحاق الفزاري وابن المبارك يتخللانها فيخرجانها حرفاً بحرف ) (١).
ألم يقل الدارقطني : ( يا أهل بغداد ، لا تظنون أنّ أحداً يقدر يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا حيّ ) (٢).
ألم يقل ابن المبارك في هذه الأحاديث المصنوعة ، فقال : ( تعيش لها الجهابذة ) (٣).
وقد بذل الجهابذة جهداً بالغاً مشكوراً في تمييز الحديث الثابت من الموضوع ، وقد وصلنا من آثارهم ما أفادنا كثيراً في معرفة الموضوعات ، وكذبة الرواة.
والآن لنيمّم وجوهنا شطر هذا الجانب ، لغرض البحث عن الموضوعات عن ابن عباس له أو عليه ، فإلى :
____________________
(١) تذكرة الحفاظ ١ / ٢٧٣ ط حيدر آباد.
(٢) الموضوعات لابن الجوزي ١ / ٤٥.
(٣) نفس المصدر١ / ٤٦ ، والكفاية للخطيب البغدادي ١ / ٣٧ ، وتدريب الراوي ١ / ٢٨٢.